محليات

“التقدمي” : مقاطعون.. و”المقاطعة” موقف سياسي احتجاجي وليست مبدأ

أعلن التيار التقدمي الكويتي عدم مشاركته في الانتخابات المقبلة لعدم وجود مناخ سياسي ملائم يتحقق فيه قدر من الانفراج النسبي.
وقال التيار في بيان رسمي عقب انعقاد مؤتمره الثاني إننا نؤكد على صحة قرار المقاطعة كموقف سياسي احتجاجي مشيرين في الوقت ذاته إلى أن المقاطعة ليست مبدأ.

وفينا يلي نص بيان التيار التقدمي في المؤتمر الصحفي الذي عقده اليوم:

انعقد المؤتمر الثاني للتيار التقدمي الكويتي مساء يوم الجمعة 21 أكتوبر، حيث حضره المندوبون المنتخبون عن اللجان وأعضاء المجلس العام السابق وعدد من الأعضاء المراقبين، ويأتي انعقاد المؤتمر الثاني للتيار التقدمي الكويتي بعد مرور نحو سنتين على مؤتمره الأول، الذي انعقد في يوم الجمعة 7 نوفمبر 2014، وذلك تطبيقاً للمادة السابعة من النظام الأساسي التي تقضي بأن يعقد التيار التقدمي الكويتي مؤتمره العام مرة كل سنتين، حيث يمثل المؤتمر أعلى سلطة في التيار.
وقد افتتح المؤتمر الزميل رئيس السن، ثم ألقى ا لمنسق العام السابق للتيار التقدمي الكويتي الزميل محمد نهار كلمة افتتاحية، تناول فيها الظرف الذي ينعقد فيه المؤتمر الثاني والمهمات المطلوب منه إنجازها، وبعد ذلك جرى اختيار هيئة رئاسة المؤتمر، ثم جرى عرض تقرير المجلس العام السابق عن أعماله في الفترة المنقضية منذ المؤتمر الأول إلى انعقاد المؤتمر الثاني، وتمت مناقشته وإقراره، ثم نوقش التقرير المالي وجرى إقراره، وبعد ذلك تم التصويت بالثقة على المجلس العام المنتهية ولايته وقبلت استقالته، وناقش المؤتمر المواد المقترح تعديلها من النظام الأساسي حيث تم إقرار التعديلات، وبعد ذلك تم فتح مناقشة عامة حول الموقف تجاه الانتخابات النيابية المقبلة، وأخيراً انتخب المؤتمر أعضاء المجلس العام الجديد، الذين اجتمعوا وانتخبوا مكتباً تنفيذياً ومنسقاً عاماً جديداً هو الزميل أنور الفكر.

لقد شهدت بلادنا خلال السنتين المنقضيتين أحداثاً وتطورات بالغة الخطورة، حيث تكرّس نهج الإنفراد بالقرار وجرى التضييق على الحريات العامة ومصادرة الحقوق الأساسية للمواطنين وشنّ حملة من الملاحقة لعناصر المعارضة، ولقد كان التيار التقدمي الكويتي ولا يزال يؤكد على أهمية حدوث إنفراج في الحياة السياسية عبر تراجع السلطة عن هذا النهج وإطلاق سراح المحكومين في قضايا الرأي والتجمعات وإلغاء القرارات الجائرة بسحب الجنسية الكويتية من عدد من المواطنين لأسباب سياسية.
كما شنت السلطة وحلفها الطبقي الرأسمالي خلال السنتين الماضيتين هجمة على مستوى المعيشة العامة وسعت لتقليص المكتسبات الاجتماعية الشعبية وخفض بنود الإنفاق الاجتماعي الأساسية وكذلك الدعوم، وتصفية الدور الاقتصادي للدولة والقطاع العام والقطاع التعاوني، ما انعكس سلباً على حياة الجماهير الشعبية متدنية الدخول من العمال وصغار الموظفين والمتقاعدين ناهيك عن معاناة العمالة الوافدة والكويتيين البدون، هذا في الوقت الذي تفاقم فيه الفساد واتضح فيه فشل الإدارة الحكومية وعدم كفاءتها، بالإضافة إلى انحيازها لمصالح قلة مستأثرة بخيرات البلاد ومقدراتها على حساب مصالح الغالبية الساحقة من الناس، التي تعاني من مشكلات جدية تحتاج إلى حلول وتدني مستوى الخدمات العامة… وكان موقف التيار التقدمي الكويتي واضحاً في انحيازه لمصالح الجماهير الشعبية ودفاعه عنها ورفضه للنهج الرأسمالي النيوليبرالي.
وبالإضافة إلى ماسبق فقد تعرضت بلادنا خلال السنتين المنقضيتين إلى محاولات محمومة لجرها نحو الانزلاق إلى دوامة العنف والإرهاب التي تعصف بالمنطقة، كما تعرضت الكويت لضغوط خارجية، وانعكست على نحو خطير في مجتمعنا الكويتي الصغير الصراعات الطائفية الدائرة في المنطقة، التي هي بالأساس غطاء لصراعات سياسية… ولقد كنا ولا نزال في التيار التقدمي الكويتي نؤكد على ضرورة مواجهة هذه الأخطار المحدقة بأمن الكويت وسيادتها عبر جبهة داخلية متماسكة تقوم على قاعدتي المشاركة الشعبية والعدالة الاجتماعية، وانتهاج سياسة خارجية مستقلة تنطلق من مصلحة الكويت الوطنية، ولكن نهج السلطة وحلفها الطبقي الرأسمالي كان يمثل العائق أمام ذلك، حيث لا تزال السلطة ترفض الاستجابة لأبسط متطلبات حدوث إنفراج سياسي يساعد على تماسك الجبهة الداخلية.
وخلال السنتين الماضيتين كنا في التيار التقدمي الكويتي نحاول جاهدين أن نقوم بالدور الوظيفي لتيارنا في الدفاع عن مصالح الجماهير الشعبية وفي العمل على رفع مستوى وعيها وتعبئة قواها، وذلك في حدود قدراتنا وإمكانياتنا، بالإضافة إلى الصعوبات التي واجهناها ولانزال نواجهها جراء تراجع الحركة الشعبية، حيث أقام تيارنا التقدمي الفعاليات والأنشطة والندوات والحلقات النقاشية، بالإضافة إلى فعاليات مشتركة مع أطراف أخرى، كما نظم تيارنا التقدمي الورش التثقيفية لأعضائه، وأصدر بيانات جماهيرية وتصريحات صحافية تناولت مختلف القضايا التي تهم الجماهير الشعبية، إلى جانب بيانات مشتركة مع قوى سياسية أخرى.
ونحن اليوم بعد انعقاد المؤتمر الثاني لتيارنا التقدمي الكويتي نعمل جاهدين ليكون تيارنا قوة ذات حضور وتأثير في الحياة العامة ويكون على مستوى القيام بدوره الوظيفي في الدفاع عن مصالح الجماهير الشعبية والفئات المهمّشة في المجتمع والناس البسطاء الذين لا يجدون مَنْ يدافع عن مصالحهم وحقوقهم ويعبّر عن مطالبهم في الحياة الكريمة والعدالة الاجتماعية والمساواة، بالإضافة إلى مسؤوليتنا في المساهمة بإعادة الاعتبار لمشروع بناء الدولة الكويتية المدنية الديمقراطية الحديثة، التي يكون فيها الكويتيون جميعاً مواطنين أحرار متساوين.
الموقف تجاه الانتخابات:
أما فيما يتصل بالموقف تجاه الانتخابات النيابية المقبلة، فقد أجرى التيار التقدمي الكويتي مناقشة مستفيضة في مؤتمره الثاني، توصل فيها إلى النقاط الخمس التالية:
أولاً: تأكيدنا على صحة المقاطعة كموقف سياسي احتجاجي ورافض لمرسوم قانون الصوت الواحد، مع توضيح بأن المقاطعة هي موقف سياسي وليست مبدأ ثابتاً.
ثانياً: استذكار دورنا في قيادة حملة المقاطعة في 2012، وموقفنا تجاه انتخابات 2013 الذي التزم بالمقاطعة من دون شن حملة، وتغيّر معطيات المقاطعة الآن، حيث أنّ المقاطعة انطلقت عندما كانت حركة الجماهير في صعود، بينما هي اليوم في حالة تراجع… وبالتالي يجب عدم الانسياق وراء ثنائية المقاطعين والمشاركين في صفوف المواطنين والقوى السياسية، بل يجب التأكيد على حقيقة أن الصراع السياسي إنما يدور حول نهج السلطة وحلفها الطبقي الرأسمالي.
ثالثاً: التأكيد على انسداد أفق العمل البرلماني في تحقيق الإصلاح والتغيير.
رابعاً: إنّ خوض الانتخابات النيابية بالنسبة لنا كتقدميين لا ينطلق من الأوهام الإصلاحية البرلمانية حول القدرة على تحقيق إصلاحات وإحداث تغيير، وإنما الانتخابات والعمل البرلماني هما مجرد مجالين يوفران منبراً لمخاطبة الجماهير ولتعبئتها ولفضح نهج السلطة وحلفها الطبقي الرأسمالي في المجالات التشريعية والسياسية والاقتصادية وغيرها.
خامساً: عدم توافر مناخ سياسي ملائم لخوض الانتخابات يتحقق فيه قدر مقبول من الانفراج النسبي في الحياة السياسية، بل الواقع هو العكس حيث يستمر التضييق على الحريات والعبث السلطوي في النظام الانتخابي.
وبالتالي فإنه على ضوء كل ما سبق، فإن قرارنا هو عدم المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة وذلك ما دام ليس هناك مناخ سياسي ملائم يتحقق فيه قدر من الإنفراج النسبي، مع ضرورة تحركنا شعبياً وسياسياً للتصدي لنهج السلطة في التضييق على الحريات ونهجها الاقتصادي الاجتماعي المعادي لمصالح أوسع الجماهير الشعبية، والمطالبة بضرورة حدوث إنفراج سياسي يتمثل في حده الأدنى بإطلاق سراح المحكومين في قضايا الرأي والتجمعات، وإلغاء قرارات سحب الجنسية التي طالت مواطنين لاعتبارات سياسية، ووقف حملة الملاحقات.

السبت 22 أكتوبر 2016