كتاب سبر

بين المقاطعة والمشاركة… فما أنت فاعل ؟!

بعد الدعوة لمقاطعة انتخابات الصوت الواحد ، التزمت بالمقاطعة وتركت الحديث عن الانتخابات وعن الحكومة وعن ما يجرِ في الكويت بشكل عام -إلا ما ندر- وتفرغت للحديث في الشأن السوري والذي بلا شك هو شأن كل العرب والمسلمين… فما جدوى الحديث عن قرارات الحكومة التعسفية بحق الشعب وعن مجلس أمة أشبه بخيال مآتة ونوابه مجرد عمالة في شركة تملكها الحكومة ويأمرها رئيس المجلس، لذلك رأيت بأن لا يحق لي التذمر والانتقاد على قرارات الحكومة وعلى انبطاح المجلس لها ، مادمت قد تركت الموضوع برمته !

الآن هناك دعوة للمشاركة ، وهذه الدعوة أول انطلاقتها كانت همسا خلال جرائم الحكومة والمجلس المنحل بحق الشعب دون أي تحرك شعبي لردعهما ، ولكنه الآن وبعد حل المجلس السيء أصبحت الدعوة للمشاركة، ينادى بها وبصوت عال … ومع هذه الدعوة حصل خلاف بسبب المشاركة والمقاطعة في المجلس القادم ، لكن الصراع هذه المرة بين الفريق المناهض للفساد!… انقسم الفريق ، هناك من أراد المشاركة بعد السحب الظالم للجناسي ، وخطف أحد المسحوبة جناسيهم من الشارع وهو سعد العجمي وإبعاده عن البلاد في جنح الليل، والسجون التي امتلأت بالشرفاء وإرتفاع سعر البانزين ومس جيب الموطن ، زائد عجز نواب المجلس السابق المنحل عن مواكبة التحديات والأخطار من حولنا لأنهم لا يملكون قرارهم ولأسباب أخرى لا نستطيع ذكرها هنا … بينما هناك المقاطع الذي يرى أن المشاركة في مجلس الصوت الواحد هو شرعنة للفساد وأن الاهتمام تعدى مجلس الصوت الواحد وأصبح الطموح إلى الحكومة المنتخبة والدائرة الواحدة ووووو… لكن من دون الدعوة لحراك شعبي في الشارع ومن دون ندوات يحضرها الشعب ومن دون أي شيء يذكر يبيّن للجميع مدى سوء المجلس والحكومة والوضع بشكل عام في الكويت، وأن البديل هو كذا وكذا وكذا !

المشارك يقول: أن الجلوس هكذا كالأصنام ننتظر المجهول بينما الشعب يتضرر من التعسف الحكومي في حياته المعيشية وتزيد من همومه اليومية بل حتى كيانه كمواطن أصبح في خطر ، ومن خلف الشعب المتضرر نواب تعساء ، تائهون في قاعة عبدالله السالم لا يدافعون عن الشعب ولا عن حقوقه ،، لذلك مجرد المشاركة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه هو الحل -وهنا قد تجد المشارك يصوت لنفس السيء ويعيده مرة أخرى للمجلس وقد يبدله بالأفضل- … بينما المقاطع يقول لنكمل مسيرة النضال من خلال المقاطعة ويضرب لنا الأمثلة عن نضال سوريا وفلسطين، ومع أن الأمثلة عن نضال سوريا وفلسطين غريبة جدا ولا تطابق ظروفنا في الكويت لا من بعيد ولا من قريب ، لكن لنفرض جدلا صحة المطابقة فنقول للمقاطع: أين هو النضال على أرض الواقع؟ هل هناك تحرك جاد في الشارع ؟ هل هناك بديل لمشروع المقاطعة غير التهكم على قوانين الحكومة والمجلس السيء السابق ؟ هل هناك تحرك فعال غير وضع صور الوجوه -ايموجي- في تويتر تعبيرا عن السخط على القرارات التعسفية بحق الشعب من سحب جناسي ومس جيب المواطن وغيرها من القرارات التعسفية ، بينما مجلس المناديب السيء يصدق على تلك القرارات ؟!… طبعا لا يوجد جواب !

******

وهنا نستذكر مع المقاطعين والمشاركين حادثة عظيمة وهي حادثة قتل الميموني رحمه اللهلو حصلت تلك الحادثة في عهد هذا المجلس المنحل ، فهل تعتقد بأنه سينتصر لحق المغدور وحق عائلتهويطلب تحقيق ويساءل وزير الداخلية والمسؤولين في قتل الميموني أو أنه سيطمس القضية ويذهب دم الميموني هدرا ؟ ، وأيضا نستذكر في تلك الحادثة كيف أن الحكومة آنذاك ومع ما تملكه منالأغلبية البرلمانية  وقفت عاجزة أمام 12 من نواب المعارضة الذين انتصروا للميموني من داخل المجلس وخلقوا ضغط شعبي هائل خارج المجلس تحميه حصانة الـ 12 معارض ، ونجح هذا في إقالةوزير الداخلية وفي توقف قصص الموت بجرعة زائدة التي كانت تنتشر في وسائل الإعلام.!

والنقطة المهمة هنا:

أيها القارىء الكريم ، لو كنت تشارك شخصا سيئا في سكن واحد وتعيشان تحت سقف واحد متصدع،  والسقف يزداد كل يوم تصدعا لأن هذا السيء الذي يشاركك العيش تحت هذا السقف كان مخادعا وكان يتعاقد مع مقاول سيء ومن خلفك كان يتقاسم الأموال مع المقاول وهذه الأموال أنت شاركت فيها لترميم السقف ولكن ترميم السقف كان مغشوشا ، فماذا ستفعل أنت حينها ؟…إما أنك ستحاول قدر المستطاع على تحجيم وتحييد شريكك السيء، وهنا تسعى لتبديل السقف وليس ترميمه فقط وتهنأ براحة البال، أو أنك ستظل ساكنا وتقول: الوضع سيء ولا شأن لي، فهذا نتاج تعامل شريكي السيء في ترميم السقف وعليه هو أن يرممه مرة أخرى وبطريقة سليمة !!… ولكنك هنا أنت تعلم يقينا بأن انتظارك سيطول لأن هذا السيء فاقدا للحياء والمصداقية ولكن أنت قد يسقط عليك السقف في يوم ما … فما أنت فاعل حينها ؟!!

لذلك نقول لجميع القراء، هذا اجتهاد مني ولكن ليكن هذا هو القياس عندكم… والرأي الأول والأخير لكم.