فن وثقافة

سعد الفرج: مسلسلات اليوم “تفشل” والأمور تسير من “تحت الطاولة”

أن تحاور فناناً بحجم القدير سعد الفرج، كأن تسير على شاطئ البحر، لتتنفس بعض الهواء النقي تارة، وتجد نفسك – ثارة أخرى – أمام أمواج عاتية، فحالة المناخ الفنية ليست مستقرة، والأوضاع سيئة إلى حد الوجع والغصة في قلب مؤسسي الدراما الخليجية كبيرة، فالأعمال الجيدة تؤخذ بمعية نظيرتها السيئة، و”حسافة على مجهود السنين اللي طافت”. 

تواصلت صحيفة “البيان الإماراتية” مع الفنان القدير سعد الفرج في حوار فتح فيه قلبه على مصراعيه، وتحدث بداية عن فيلمه «في الوقت الضائع» فقال: يحكي الفيلم قصة أربعة رجال مسنين، يقضون سنواتهم الأخيرة في مأوى للكبار، حتى تتغير الأحداث وتتوالى أمامهم المفاجآت، وبمجرد أن قرأتُ النص وجدتُ نفسي فيه، فشخصية «أبو حسن» جذبتني بكل تفاصيلها، فهو إنسان يُفضِّل الآخرين على نفسه، ويضحي بالكثير من أجلهم، وهذه الشخصية نادرة في مجتمعاتنا.

أنهى الفرج تصوير مشاهده في هذا الفيلم، وهو حالياً في مرحلة المونتاج، وأشار إلى أن كل ما يتمناه في هذا الفيلم تحقق له، وقال: يعود الفضل في ذلك لمخرج العمل ياسر الياسري، الذي أوصل لي الشخصية بشكل يفوق ما قرأته على الورق، كما أن الإنتاج السخي للفيلم سيجعل منه فيلماً خليجياً بمستوى عالمي.

مهرجانات وأفلام

وعما إذا كانت الأفلام الخليجية تلقى الدعم، أجاب: يجب أن يكون هناك دعم للفيلم الخليجي، وأرى أنه أصبح من الضروري أن نتوقف عن تقديم المهرجانات السينمائية في أكثر من دولة خليجية، ليقتصر الأمر على دبي السينمائي، فلماذا نصرف على مهرجانات أخرى ولدينا دبي السينمائي العالمي؟ والأولى – برأيي-، أن نصرف على أفلام تعرض في مهرجان دبي لتصل للعالم.

ضلت الطريق

بالانتقال للحديث عن الدراما، سألْنا سعد الفرج عن سبب تعلق الكثيرين بمسلسل «درب الزلق» رغم أن الدراما الكويتية تمتلئ على آخرها بالأعمال، فأجاب: الدراما الكويتية اليوم تسير في الطريق الخطأ 100%، وفي الوقت الذي ظهر فيه مسلسليَّ «درب الزلق» و«الأقدار» وغيرهما، كان هناك اهتمام بالفن، بدأ بالتناقص حتى انعدم تماماً، ولكني متفائل، ألمح بعض أشعة نور ستعيد البريق للفن المسرحي والتلفزيوني والسينمائي، من خلال اهتمام المسؤولين في المجلس الوطني ووزارة الإعلام بالمباني والتصاريح وغيرها من تفاصيل، وهذا يجعلنا نتأمل خيراً.

عتب

في صوته ظهرت نبرة عتبٍ واضحة، سألناه عن سببها، فقال: لم أعد أرى في الدراما الكويتية سوى «الدشداشة»، لا حوار ولا موضوع ولا قصة تلامسنا، ولا شيء فيها خليجي، إلا في ما ندر، والمتهم الأول والأخير في ذلك، المحطات الخليجية.

وأعرب الفرج عن أسفه من انتشار أكثر من «هاشتاغ» بعناوين مؤلمة مثل «الدراما الكويتية لا تمثلني»، وعلَّق عليها قائلاً: القلب يتألم، فهناك أعمال جيدة تُحارَب وتؤخذ بِمَعِيَّة غيرها من أعمال سيئة، و«حسافة على مجهود السنين اللي طافت».

دخلاء على الفن

أخذنا الحديث مع الفرج إلى الرقابة ودورها، فقال: في السابق كان صناع العمل رقباء أنفسهم، ولم تكن هناك حاجة للرقابة، ولكن اليوم، أثبت المنتجون بأنهم ليسوا على قدر المسؤولية، كما اقتحم الدخلاء المجال الفني، فأصبحت الحاجة للرقابة ضرورة على الأعمال الفنية، فالمنتجون دخلاء على الفن، وليسوا على مستوى الإنتاج، والأمور تسير من «تحت الطاولة» لتظهر أمامنا أعمال «تفشِّل»، ودون المستوى.

وعن موقفه من الرقابة، قال: الرقابة تمثل وجهة نظر الدولة وسياستها، وأنا لا أحب أن أدخل في متاهات، ولكني ضد الرقابة على العمل الفني الذي ينتجه شخص واعٍ ومسؤول، فابن الخليج لا يقبل أن يُمس الخليج بسوء، لكن الدخيل على الوسط لا يهمه الأمر، وهو يسيئ للدراما دون أن يدرك ذلك أحياناً.

نص وتمويل

وأشار إلى أن أزمة الدراما الكويتية تكمن في النص والتمويل معاً، وعدم الاهتمام بالنص الجيد، وبسيطرة الإعلان وتحكمه بمستوى الإنتاج، واختيار شخصيات العمل، ليصبح هو الحاكم على العرش.

ولم يكن ممكناً أن ننهي حوارنا مع سعد الفرج دون أن نعرج على المسرح. سألناه عن المسرح السياسي، وما إذا كانت الحكومات العربية تعي أهميته وتدعمه، ولكن يبدو أننا أصبناه في مقتل، فقد سرح بناظريه حيث المجهول، واكتفى بالقول: إن كنت تدري فتلك مصيبة، وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم!

فات الأوان

قادنا عنوان الفيلم الجديد لسعد الفرج «في الوقت الضائع»، لسؤاله عما كان يطمح لتحقيقه في حياته ولم ينجح، فاعترف بقوله: كانت هناك شخصية أرغب في أدائها حين كنتُ طالباً في الجامعة في أميركا، وكان النص مكتوباً بعنوان «رجال وأقدار» وكنا نسعى لتحويل النص إلى فيلم عالمي، ولكن ظروفي الدراسية حالت دون تحقيق هذا الحلم، وسبب رغبتي القوية في هذه الشخصية بالذات، أنها شخصية جدي والقصص الواقعية التي حصلت معه، ولكني كبرتُ في السن، ولم يعد هناك مجال لتقديمها.