عربي وعالمي

مصر: غضب شعبي عارم على نظام السيسي بعد تعويم الجنيه وارتفاع الأسعار

تُسيطر حالة من الاحتقان على الأجواء الشعبية والسياسية في مصر، بعد تحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار، ورفع أسعار المحروقات، ووقعت مشادات بين سائقي سيارات الأجرة والمواطنين، بعد رفع تعرفة الركوب، كما ارتفعت أسعار السلع الغذائية والضرورية، بنسب تتراوح ما بين 20 و 50%.

ارتفعت أسعار السلع الضرورية والغذائية في مصر وأسعار المواصلات العامة، بعد اتخاذ الحكومة حزمة من الاجراءات القاسية، في ضوء تنفيذ شروط صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار، واتخذ البنك المركزي قراراً بـ”تحرير سعر صرف الجنيه” أو ما يعرف بـ”تعويم الجنيه” مقابل الدولار، ورفعت الحكومة أسعار المحروقات والغاز الطبيعي والغاز المنزلي واسطوانات البوتاغاز.

وتراوحت الزيادات في الأسعار ما بين 20 بالمائة و50 بالمائة، فبلغ سعر كيلو الأرز 8 جنيهات، بعد أن كان 5 جنيهات، وبلغ سعر كيلو السمن 18 جنيهاً، بعد أن كان 15 جنيهًا، وارتفع كيلو العدس من 24 إلى 31 جنيهاً. كما ارتفعت أسعار الخضروات والفاكهة بنسب تتراوح ما بين 20 بالمائة و40 بالمائة. وارتفعت أسعار اللحوم الحمراء بالنسبة ذاتها، خاصة بعد ارتفاع أسعار الأعلاف.

وارتفعت تعرفة الركوب في المواصلات العامة، بنسبة تتراوح ما بين 20 بالمائة و50 بالمائة، حسب المناطق والمدن. ووقعت مشادات ما بين المواطنين وسائقي الحافلات الصغيرة “ميكروباص”.

وتسبب تحرير سعر الجنيه أمام الدولار في انخفاض سعره بما يتراوح بين 80 بالمائة و95 بالمائة في البنوك،  وتراوح سعر الدولار في البنوك الرسمية والخاصة ما بين 15.5 جنيها و16.65 جنيهاً، أي ما يقترب  الضعف، لاسيما أنه كان بـ8.73 جنيهات في البنوك قبل قرار التعويم. وتعرضت السوق السوداء للانهيار، لا سيما أن أسعار البنوك هي نفسها الأسعار التي يتم التعامل بها في تلك السوق.

وللمرة الأولى في تاريخها، تعمل البنوك في مصر أيام العطلات الأسبوعية، وعملت أمس الجمعة منذ الواحدة ظهرًا وحتى التاسعة مساء، وتعمل اليوم السبت منذ الثامنة صباحًا وحتى التاسعة مساء، وسوف تستمر في العمل على هذه الوتيرة طوال الاسبوع الحالي، في محاولة من البنك المركزي لسحب الدولار من أيدي المواطنين والمضاربين في السوق السوداء إلى السوق الرسمية.

وتسببت تلك الاجراءات التي تصفها الحكومة بـ”الإصلاحية” في حالة من الاحتقان الشديد في أوساط المصريين، لا سيما أبناء الطبقتين الفقيرة والمتوسطة، لا سيما أن الحكومة رفضت رفع الرواتب بنسب مماثلة، لمواجهة غلاء الأسعار، وانطلقت دعوات تطالب بإقالة حكومة المهندس شريف اسماعيل، ومحافظ البنك المركزي طارق عامر.

وقال النائب في البرلمان البدري أحمد ضيف، إن المتضرر الأول من تعويم الجنيه هو المستهلك، لا سيما أن مصر تستورد 70 % من احتياجاتها.

وأضاف: أن تعويم الجنيه بداية لعودة الاقتصاد المصري مرة أخرى، داعيا الشعب المصري بأن ينشط حركة شراء المنتجات المحلية، لكي يعمل على تطويرها، مشيرا إلى أن هذا الحل الوحيد لكي يستطيع الجنيه أن يواجه الدولار في سوق العملة.

وتوقع أن يبدأ التعامل بالعملات المحلية خلال الشهر المقبل بين مصر والصين بالجنيه المصري واليوان الصيني، ويتم إلغاء عملة الدولار الأميركي، مشيرًا في الوقت نفسه الى أن هناك تحالفات دولية للقضاء على الدولار، بحيث تعود كل دولة في العالم للتعامل بعملتها الرسمية بشكل مباشر.

ووصف الباحث السياسي في المركز العربي الأفريقي مصر للدراسات، أشرف عمارة  سياسات الحكومة المصرية بـ”الخاطئة”، وقال إن الحكومة اتخذت العديد من الخطوات والاجراءات التي زادت من أعباء المواطن وجعلته غير قادر على العيش الكريم وهو ما تسبب في غضب قطاع ليس بقليل من الدولة والرئيس.

وأضاف:  أن الحكومة لا بد أن توقف على الفور استيراد أكل الكلاب والقطط وغيرها من المنتجات والسلع غير الضرورية والتي تعد رفاهية، مشيرًا إلى أن مصر تستورد تقريبا سلعًا ترفيهية بما يزيد عن 60 مليار دولار. وطالب الرئيس والبرلمان بضرورة سحب الثقة من الحكومة وإقالتها.

وأعلن حزب مصر القوية الإسلامي، رفضه تلك القرارات، وقال أحمد سالم، نائب رئيس حزب مصر القوية، في تصريح أرسله لـ”إيلاف” أن القرارات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة والبنك المركزي، وترتب عليها رفع أسعار السلع والخدمات الأساسية، تؤشر الى “إصرار النظام على تحميل الطبقات المتوسطة والفقيرة لفاتورة العبث السياسي والارتجال الاقتصادي وغياب الرؤية، وإهدار عشرات مليارات الدولارات من أموال الشعب في مشروعات وهمية على مدار 3 سنوات”.

وطالب سالم بـ”تعليق العمل بهذه القرارات لمدة ثلاثة أشهر على الأقل، يعلن فيها النظام عن خطة ضمان اجتماعي واضحة المعالم محددة الخطوات تضمن عدم تأثر الطبقات المتوسطة والفقيرة بهذه القرارات وتعيد توجيه الدعم بشكل مباشر إلى مستحقيه، وتفتح حوارًا مجتمعيًا وسياسيًا وتخصصيًا واسعًا حول هذه القرارات والنتائج المرجوة منها”.

وحسب وجهة نظر الحزب الذي يترأسه نائب المرشد العام للإخوان المنشق، عبد المنعم أبو الفتوح، فإنه “لا مخرج للوطن المأزوم ولا إمكانية لقيامه من كبوته إلا بفتح المجال العام وإطلاق الحريات السياسية والاجتماعية، العامة والخاصة، وتمكين المجتمع من كامل حريته ومقدراته، وأنه لن تجدي أية إجراءات اقتصادية – مهما كانت براعتها – في ظل الفساد والاستبداد”.