أقلامهم

عرب الجاهلية

لا أعلم إن كان إطلاق اسم عرب الجاهلية ارتبط بعبادة الأصنام أو لجهلهم أو لأنهم لم يضيفوا شيئاً للحضارة العالمية سوى بعض المعلقات الشعرية، حتى جاء الإسلام لينتشلهم من واقعهم المرير، وينقلهم إلى حياة كريمة كما روي عن السيدة فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين في خطبتها الشهيرة، وهي تصف حال الأمة قبل البعثة النبوية الشريفة “فرأى الأمم فرقا في أديانها عُكّفا على نيرانها عابدة لأوثانها منكرة لله مع عرفانها، فأنار الله بأبي محمد صلى الله عليه وسلم ظلمها، وكشف عن القلوب بهمها، وجلّى عن الأبصار غممها، وقام في الناس بالهداية، فأنقذهم من الغواية وبصرهم من العماية وهداهم إلى الدين القويم ودعاهم إلى الطريق المستقيم”.

ولتسليط المزيد من الضوء على حياة العرب قبل الإسلام نستشهد بالأبيات التي نظمها الشاعر والحكيم الأفوه الأودي الذي استطاع أن يشخص حال قومه، وما آلت إليه أوضاعهم وأسباب تشرذمهم:

فينا مَعاشِـرُ لـم يَبْنُـوا لقومِهـمُ

وإنْ بَنى قومُهُمْ ما أَفْسَـدوا عـادُوا

لا يَرْشُدون ولن يَرْعَوا لِمُرْشِدِهمْ

فالغَي منهُمْ معـاً والجَهْـلُ ميعادُ

والبيـتُ لا يُبْتَنَـى إلا لـهُ عَمَـدٌ

ولا عِمـادَ إذا لـمْ تُـرْسَ أَوْتـادُ

فـإنْ تجمـع أَوتــادٌ وأَعـمـدَةٌ

وساكن بلغوا الأمرَ الـذي كـادوا

هذه الأبيات رددها رجل الاستقلال وأبو الدستور الشيخ عبدالله السالم طيب الله ثراه في أكثر من مناسبة، وفي مجلس الأمة، وكأنه يريد أن يحث الأمة وممثليها على الابتعاد عن الفرقة والفساد بوضع الكويت محل العمود من البيت.

قضية البناء تحتاج إلى تصويب الوضع القائم، وما صاحبها من اختلالات رمت بظلالها على مسيرة التنمية بالكويت حتى صار الوطن أرضاً للمحاصصة وللمحسوبيات، ولعل السبب يعود في ذلك إلى الناخب الذي في كل مرة يتذمر من الأوضاع، لكنه مازال يكرر الأخطاء نفسها في الاختيار.

مقولة “وضع الرجل المناسب بالمكان المناسب” يجب أن تبدأ من ورقة الاقتراع، فإن أوصل الناخب رجالا يخافون الله بالمواطن وبالكويت فلن نحتاج بعد ذلك لنواب الخدمات ولا نواب التحويلات ولا من على شاكلتهم، وبذلك سيصوب الاعوجاج الحاصل في مجلس الأمة.

نريد أن نتفاءل برسم خريطة طريق الإصلاح وأن نقدم مصلحة الوطن على مصالحنا الخاصة، وأن نكسر حاجز المجاملات والتعصب للمذهب أو القبيلة ولو لمره واحدة، فالوضع الاقتصادي والإقليمي لا يسمح بتكرار الأخطاء نفسها، والفرصة المتاحة أمام الناخب الكويتي تتعلق بحياته ومستقبل أبنائه.

الحصيلة ماذا سنقدم؟ ولم سنصوت بالانتخابات القادمة؟ وهل سنظل ندور في الفلك نفسه، ونستمر في امتطاء راحلة الطائفية والقبلية والخدماتية وشراء الذمم؟ أم نبادر إلى الإصلاح كوسيلة لإنقاذ الكويت من خطورة الأوضاع الإقليمية وتردي الأوضاع الاقتصادية باختيار الشخص المناسب للكويت أولاً وأخيراً؟

ودمتم سالمين.