آراؤهم

نعيب كويتنا و العيب فينا

لست متشائما بطبيعتي، بل أنا متفائل لدرجة أنني أبحر في محيط الخيال و لكن عندما أعود إلى الواقع المرير، فأنا لا أبالغ عندما أسمي هذه الحقبة تحديداً بالإنحطاط السياسي بسبب الطرح السيء و سطحية التفكير على جميع الأصعدة.

لن أدعو للمقاطعة، و حتماً لن أدعو للمشاركة، لكل منا رأيه في هذا الشأن و كل فرد له مطلق الحرية في إتخاذ القرار سواء المشاركة أم المقاطعة، فلا بد أن نتجاوز هذه المرحلة و نعيد تقييم الأوضاع بشكل عام. هل الساحة السياسية تسمح بمزيد من التناحر و التخوين و التفرقة ؟ هل هذا الوقت تحديداً يسمح أن نتضارب فيما بيننا على أمور أصبحت هامشية ؟ لا أتصور أن هناك فرداً لا يعرف مدى الإنحدار الذي وصلنا إليه في كافة المستويات، و من يعتقد أن الأزمة سياسية فقط، لا شك أنه يعيش في فقاعة من الوهم.

الأزمة أكبر مما نتصور جميعاً و لا أستطيع أن أحصر زواياها في مقال. نحن بحاجة لإصلاح إجتماعي ثقافي سياسي، لا يمكن أن نتطور أو نتقدم خطوة واحدة إلا إذا أصلحنا هذا المثلث الذي يلخص مكامن الخلل. أخلاقنا ضاقت فأصبحنا لا نتقبل من يختلف معنا فكرياً أو أيدلوجياً.

الإصلاح يتطلب وعيا و هذا ما نفتقده كشعب، و اذا أردت الدليل، أنظر إلى مخرجاتنا في البرلمان على مدى سنوات طويلة. مجلس الأمة هو إنعكاس الشعب، لذلك نرى إنعكاسنا البشع في البرلمان. إختياراتنا لا تتجاوز الدين، الطائفة، القبيلة، لم نر إختيارآ على أساس فكري و أيدلوجي.

نبدي إمتعاضنا على سوء الأوضاع دون أن نعترف أننا من صنعنا هذه الأوضاع، فأصبح معيارنا للتصويت هو من يهاجم إيران بحجة الدفاع عن الكويت، و من يهاجم السعودية بحجة أنها السبب في تدمير الأوضاع الإقليمية. و هنا أطرح سؤالا: أين الوطن من كل هذا؟ ألا ترى سوء الأوضاع الإقتصادية و التعليمية و الصحية، ليكون معيار إختيارك نائبا تعتقد أنه الرجل الخارق الذي سيحمي الإقليم من المخاطر !

لا أدعو إلى جلد الذات، و لكن يجب أن نعيد قراءة المشهد لنستطيع أن نغير مفاهيمنا ليس فقط في مخرجاتنا لمجلس الأمة، بل في كل المستويات الفكرية، الثقافية، و السياسية. اذا كانت السلطة سيئة، لا يجب أن نكون سيئين أيضاً. و مع كل ما سلف لا يمكن أن نعيش بلا أمل، الشباب الكويتي مليء بالكفاءات و فيه من الإبداع و التميز الكثير، و بما أننا في فترة إنتخابات لا بد أن نخلق الأمل و نختار الأنسب بعيداً عن التعصب القبلي و الطائفي و الفئوي.

نريد دماء جديدة تبث الروح في الحلم الوطني الذي مات قبل أن يولد، هناك نماذج جيدة هناك شباب وطني يريد الإصلاح الحقيقي، نريد النساء الاتي لم يأخذن فرصتهن في المعترك السياسي، و أنا أجزم أن نساء الكويت ذو عقول إبتكارية و إمكانيات جبارة. لنحسن الإختيار.