أقلامهم

الكتاب الأزرق

لو قيض للحزب الشيوعي السوفياتي إحكام قبضته حتى الآن على الأراضي الروسية لكان أول ما يفعله مجلس السوفيات الأعلى هو إرسال برقية عاجلة لجميع مرشحي الانتخابات في الكويت، مضمونها: “خفوا شوي… قلنا اشتراكية بس مو چذي!”.

وبذات الفرضية لو كان سيادة العقيد المرحوم الركن معمر القذافي مازال متربعاً على عرش طرابلس لأرسل برقية أخرى تقول: “هناك متآمرون ومقملون بالعالم، لكن ليس بهذا الشكل!”، ففي عصرٍ الأسرع يأكل فيه الأبطأ تحوم انتخاباتنا وفق الخلطه الكويتية الحديثة حول أفكار لينين وتروتسكي وهواجس طيب الذكر بو منيار ولجانه الشعبية، وعبر لغة محدودة قاموسها المبهم المعاني والمقاصد لا يتجاوز ثالوث مصلحة الكويت والتنمية وجيب المواطن.

فالمرشح الكويتي بهذه الانتخابات لا يملك ما يقدمه سوى اقتراحات توزيع الأموال وحماية الهدر بأي شكل وإبداع ممكن، ممزوجة ومبررة بحكايات المؤامرات والفساد والحرامية، وكأنهم يعبرون عن عجزهم المسبق بالمطالبة بتبذير الأموال قبل أن يسرقها اللصوص. قليلاً من الكتاب الأحمر وأكثر من الكتاب الأخضر، فقد تحنط لينين وتخوزق القذافي وانهار الاتحاد السوفياتي، وانتصرت الاشتراكية ونظرية المؤامرة في الكويت، وياليتها اشتراكية علمية مبنية على منهج ومبادئ وخطط واقتناع أو حتى بسبب قراءة كتاب واحد عن الفكر الاشتراكي، فضلاً عن البيان الشيوعي، بل هي اشتراكية قائمة على مبدأي “اصرف مافي الجيب يأتيك ما في الغيب” و”إن شالله محد حوّش”، اشتراكية تهدف لتوزيع الثروة دون أدنى فكرة عن كيفية إنتاجها وزيادتها؛ بيعوا النفط ووزعوا الأموال. طيّب، نضب النفط مولانا المرشح أو هبط سعره؟ عندنا استثمارات خارجية تسد مصاريفنا، طيب انخفضت إيراداتها أو خسرت؟ يأتيك رد مرشحنا بخطة “يصير خير” الاستراتيجية، فإذا كان هذا فهمك للعمل السياسي وهدفك من دخول البرلمان فأستطيع أن أقول لك بضمير مرتاح “دي سياسة أمك”، على رأي جورج سيدهم، أطال الله لنا في عمره وشافاه. والكل هكذا على المنوال ذاته، لا فرق بينهم إلا في الشكل ومخارج الحروف: الإخوانجي اشتراكي ديني، السلفي اشتراكي خيالي، الطائفي اشتراكي فوضوي، القبلي اشتراكي ثوري، والحكومي اشتراكي تقدمي. والكل ينكر اشتراكيته إذا ما واجهته بها، والمفارقة أنه حتى التاجر الرأسمالي أصبح اشتراكياً على استحياء، بينما اليسار الكويتي صاحب القضية الأساسي قاطع الانتخابات والنضال الجماهيري!

أما الحدوتة الأخرى لديهم فهي عن المتآمرين الفاسدين الحرامية الذين لا يجرؤ أي مرشح على ذكر أسمائهم أو تحديد جرائمهم، لكنه مستعد للتضحية في سبيل الوطن، ومعها تنطلق التراكيب اللغوية والكلام العام عن العموميات العمومية، بصفة عامة: سنحارب الفساد، زين، كيف بتحاربه مولانا؟ سنقف لهم بالمرصاد، علّمنا من يكونون حتى نقف معك ووين يصير المرصاد، سنتصدى لكل المحاولات الرامية للنيل من المال العام، ممتاز شبتسوي يعني؟! وهكذا ماسورة “سينات” ضاربة أغرقت المقرات والدواوين والندوات الانتخابية والصحف والفضائيات ومواقع التواصل، قائلها لا يعرف كيف يطبقها إذا نجح، لا سمح الله، أسجل اعترافي بأنني من كثرة ما سمعت وقرأت عن قصص تروي ذكاء وحنكة ودهاء هؤلاء الفاسدين وحرامية الأموال العامة تعاطفت معهم، ولو يكملون نفس مستوى الخطابات والأفكار احتمال أنضم لهم… خليتونا نحب الحرامية الله يخرب بيوتكم!