كتاب سبر

ظاهرة التشظي في التنظيمات الكويتية

إن وجود التشظي في المجموعة الفكرية والعقائدية قديم منذ بداية تاريخ البشرية ، وكانت هذه الظاهرة موجودة في التاريخ الإسلامي عند الفرق الإسلامية والمذاهب الهدامة والبدعية وغير ذلك ، وذلك لأن طبيعة الإنسان في الغالب لا يصبر أو يتكيف مع الرأي الجماعي ، ولكن وجود الالتزام الجماعي عند بعض الناس نابع من تربية لأهميته أو الروح العاطفية بكل أسبابها تجاه تلك المجموعة ، أو القناعة في أهداف وفكر المجموعة، وقد نشأة المجاميع والتنظيمات في الكويت منذ منتصف القرن العشرين ، وتوافدت الأفكار بكل تنوعاتها العلمانية والإسلامية ، وحصلت مجموعة من الانشقاقات والتشظيات في التنظيمات الكويتية منذ بدايتها وحتى في استمرارها ، ولكن في السنوات الأخيرة تفاقمت هذه الظاهرة بشكل كبير وواضح حتى عند المجاميع المعروفة بعمق تربيتها الجماعية ، فالإخوان المسلمين ينبع فهمهم للعمل الجماعي من خلال تعاليم حسن البنا في رسائله والبناء الروحي للتجمع الحركي عند سيد قطب ببناء القاعدة الصلبة التي تحارب الجاهلية ، وتوجيهات محمد أحمد الراشد الشديدة في كتاب العوائق وغير ذلك ، وأيضاً نمت هذه القضية في نفوس الإخوان نتيجة للمحن التي حدثت لهم فأصبحوا يعتقدون بأهمية الوحدة التنظيمية ، وأما عند التيار السلفي فيكون “الشيخ” هو الوتد والموجه في كل أمور الحياة الدينية والسياسية وغير ذلك ، وينبع هذا الفهم من قناعتهم أن طاعة “العلماء الربانيين” هو طريق الفلاح ، وأما عند التنظيمات الليبرالية فإن خلفيات الروح والأفكار اليسارية وصرامتها هي المرجعية في البناء التنظيمي وكذلك العداء للتيار الإسلامي هو ما يوحدهم ، ولوجود تنامي لظاهرة التشظي في التنظيمات مؤخراً أحبب أن أتطرق لظواهرها وأسبابها والحلول.

الظاهرة :

– النقد العلني لأفكار المجموعة وأسسها الفكرية أو بعضها في المنتديات الإجتماعية أو وسائل التواصل .

– عدم الالتزام مع مرشحين المجموعة بالعمل مع آخرين وربما الهجوم عليهم في بعض الأحيان.

– الاشتراك والتصريح في أعمال وفعاليات تتعارض مع توجهات المجموعة أو تسبب الحرج لها في تفاهماتها.

– الهجوم الداخلي على قرارات المجموعة عند القواعد والتقليل من شأن وأهمية تلك القرارات.

– إعلان الانشقاق أو ترك المجموعة وربما التعاون مع خصومها من السلطات أو أصحاب النفوذ .

– الخوف من علم الآخرين وخاصة السلطات وأصحاب النفوذ، بوجوده وقناعته للمجموعة التي ينتمي لها

الأسباب

– ضعف التربية على مفاهيم العمل الجماعي والتنظيمي وعدم الإحساس بأهمية هذا الموضوع.

– رؤية قدوات في المجموعة لا يلتزمون بالعمل الجماعي مع عدم محاسبتهم أو المصارحة معهم.

– وجود قرارات لم يتم فيها مشاورة القواعد بشكل دقيق أو معقول.

– التأثر في بيئة المجتمع التي تحذر من الأحزاب والتنظيمات وتعتبرها خروجاً عن النظام.

– محاربة السلطة وأصحاب النفوذ للتنظيمات وتشويه هذه المفاهيم.

– رؤية بعض أخطاء القدوات في المجموعة والضعف في سلوكها أمام المجتمع والسلطة.

– تأثير الربيع العربي في مفاهيم مثل (التبعية – الحرية..).

– تعرض بعض الأفراد للخلافات في المجموعة أو الخذلان ببعض القضايا.

– محاربة بعض المنتمين من أصحاب النفوذ والسلطات في مشاريعهم ورزقهم وأهدافهم نتيجة لعلمهم بإنتمائهم.

الحلول

– تكريس التعبئة لأهمية العمل الجماعي في البناء الفكري والروحي .

– تربية الأفراد على التعلق بالله وليس الأشخاص مهما كانوا حتى لا يتعجبوا من هفواتهم .

– توسيع الأداة الشورية وتنوع مكوناتها الفكرية والجغرافية.

– إختيار شخصيات تتميز في القبول من القواعد حتى يتم الوثوق بالقرار الجماعي.

– إيجاد هامش للأفراد في التحرك والكلام والعمل بما يختلف مع قرارات الحركة ولكن لا يصادم أسسها وأهم مبادئها .

– نشر ثقافة العمل الجماعي في المجتمع بصورة وسطية معتدلة .

هذه إشارات مختصرة عن هذه الظاهرة تحديداً في المجتمع الكويتي، وربما تتشابه مع البيئات المجاورة في العالم العربي ، وتكمن أهمية هذه المقالة بأن النقد الذاتي والواضح هو من أكبر أسباب تصويب وتقويم الأمور، ولعل ظاهرة التشظي هي نتيجة للصراع بين الفردية والجماعية وجاء الإسلام بمفهوم وسطي يبني الفرد وينمي الجماعة.

 

بقلم/ محمد عبدالله المطر