كتاب سبر

إنها أكثر من “جيب المواطن لا يمس”

رغم الإيجابية النسبية التي شعر بها أكثرنا عقب ظهور نتائج إنتخابات مجلس الأمة إلا أنه لا ينبغي أن يتصور أحد منكم أنه بدأ في أفق المشهد السياسي بصيص نور يهدي إلى طريق سالك يجتاز به البلد عوائق التقدم والتنمية .

فلا زلنا كلنا _أو على الأقل الأغلبية العظمى _ بعيدين كل البعد عن المقاصد الحقيقية للدستور ومذكرته التفسيرية بل نزداد تمسكا بكل ما حذرت منه ونبذته مواده ..وعلى رأسها الإستعراض السياسي الأجوف القائم على التنابز بالألقاب وتقاذف الإتهامات والتكفير الوطني ..ناسين أو بالأحرى متناسين أن رأس قمة أهداف واضعي الدستور كان خلق مجتمع قادر على إستيعاب ومن ثم هضم أسس وقواعد التحاور الهادئ القائم على القبول بالآخر والرضا بما يسفر عنه التحاور ويستقر الجميع على ما تشير إليه الأغلبية.

ولأن دستورنا الذي إرتضيناه لا يقوم على أهم مبادئ وأسس الديمقراطية الغربية العالمية وهو التداول السلمي للسلطة ..فلا مجال للإحلال الذي يغمز إليه بعض السياسيين تارة ويصرح به البعض الآخر تارة أخرى ..ولا مجال لآخرين للوصول إلى ” غاية ” الكرسي الأخضر سوى دغدغة المشاعر ومخاطبة مراكز التعصب العنصري والديني في المخ أو مراكز غريزة الأنانية والمصلحة الفردية .

ولأنه لا يوجد في الأفق ذاك البصيص من النور ..ولا فسحة من الأمل ..فليس أماما سوى إختلاق ذلك الجزئ من الأمل والفسيحة من الأمل في داخل أنفسنا حتى تستمر الحياة بالحد الأدنى من متطلباتها .

وصل خمسون من المرشحين إلى عضوية المجلس وسيبدأون من حيث إنتهى الآخرون من قبلهم ..فما هو الشئ الذي سيجدونه وما هو الشئ الذي سيتركونه.

تعليم يقف على رجل واحدة متكأ على عكاز ..لا الطالب مقتنع به ولا ولي أمره ولا المعلم ولا حتى المسؤول وكلهم السبب وهم الداء وهم الدواء..وصحة سمعتها لا تقل سوءا عن سمعة بيت قصر مهجور عشش الغراب و نسج العنكبوت بيته في كل زاوية منه قصر تركه أهله للزمن يفعل أفاعيله فهل يرحم الزمن من يتجاهل شؤون نفسه ..وشوارع ليست سوى طرق يضطر المرء إستخدامها والحال يقول …لابد مما لابد منه.

وقبل ذلك وبعده ..أسر مفككة لارب لها ولاربة ولا أخوة يربطهم حبل المودة ..فساد ينصب خيامه في البيوت والدوائر الرسمية والخاصة ..رشاوى ..سرقات ..مخدرات ..وكل يضع يده على جيبه هذا يريد أن يأخذ ..وآخر يرفض أن يعطي …

ياسداة ياكرام

إنها أكبر من مجرد “جيب المواطن لايمس “