أقلامهم

حلب تباد

الفيديوهات المؤلمة التي تنتشر مظهرة الدمار في حلب وأطفالا يبكون وكهولا يصرخون ونساء يمتن، وسلسلة من الجرائم الإنسانية التي ترتكب في سورية، تشعرك بأن إنسانيتك تنتهك فقط بمجرد مشاهدتها.

مرت ست سنوات على الأزمة السورية التي فاقت خسائرها خسائر الحرب العالمية الثانية، فما يجري في هذه الدولة العربية المسلمة والجارة يحدث مع كل أسف في هذا العصر وفي عام 2016، وحتى اليوم لم يتوصل العالم لحل للأزمة السورية التي من أبسط مخرجاتها 50% من سكان سورية نازحون داخلها، وخارجها هناك ما يقارب 5 ملايين لاجئ سوري.

سأسرد بعض ما تم في سورية خلال السنوات الماضية حسب تقرير “هيومن رايتس ووتش” لعام 2015:

فرض “داعش” وجبهة النصرة قواعد صارمة وتمييزية ضد النساء والفتيات، كما قاما بتجنيد الأطفال في القتال، وواصل “داعش” الاستعباد والإساءة الجنسية ضد النساء والفتيات الأيزيديات في العراق، والفتيات في مناطق تحت سيطرته كالرقة في سورية. تواصل قوات الأمن السورية اعتقال الأشخاص تعسفيا وإخضاعهم لسوء المعاملة والتعذيب بانتظام، إضافة إلى إخفائهم ضمن شبكة واسعة من مراكز الاحتجاز المنتشرة في جميع أنحاء سورية، فأغلب المعتقلين شباب في العشرينيات والثلاثينيات، لكنه اعتقل أطفالا ونساء وعجائز أيضا، فقد أبلغ أفراد في بعض الحالات عن اعتقال أفراد أسرهم، بمن فيهم الأطفال، للضغط عليهم لتسليم أنفسهم. تواصل الحكومة السورية أيضا فرض الحصارات، والتي تؤثر– بحسب “مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية” (أوتشا)– على أكثر من 200 ألف مدني، وتنتهك عمليات الحصار هذه قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2139 الذي يطالب جميع الأطراف بـ”القيام فورا برفع الحصار عن المناطق المأهولة بالسكان”، بما في ذلك مناطق حمص والمعضمية وداريا في الغوطة الغربية والغوطة الشرقية ومخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب دمشق. استخدمت الحكومة استراتيجيات الحصار لتجويع المدنيين لإخضاعهم وفرض المفاوضات عليهم التي من شأنها السماح لها باستعادة الأراضي. ورغم جميع ما ذكرت، وهناك ما هو أكثر منه، فإن ما يحدث اليوم في حلب من أفعال شنيعة لا تمتُّ للبشرية بصلة يجعلنا نطأطئ رؤوسنا خجلا، هذا الجار يعاني الأمرين ويتجرع الموت بأبشع الطرق، حيث فر خلال 72 ساعة 20 ألف شخص من حلب من فرط الرعب ومشاهد الدم. هذا القتل الجائر والعنف القاتل والموت الصارخ، الذي لا يرحم عجوزا أو طفلة أو شابا بمقتبل العمر ينهكنا، فما بالك بوضعهم؟ هذه الحرب التي طالت واستبدت بشعب كان يفخر بحضارة عريقة يتم تدميرها عن بكرة أبيها.

نحتاج ما هو أكثر من تعبير “بان كي مون” عن قلقه، لقد تعدينا مرحلة القلق ووصلنا إلى مرحلة الفاجعة من هذه الجرائم التي تمارس بوقاحة على الشعب السوري، والعالم لا يحرك ساكنا إلا بالدعوات والتبرعات، هذا الوضع لم يعد راهناً وهو ليس بالمؤقت، والسكوت عنه أكثر لا يجعلنا سوى شياطين خرساء.

قفلة:

متى سيتحرك القادة والعالم ليقدموا شيئا غير المشاورات التي تبوء دوما بالفشل، والتعبير عن القلق الذي لن ينقذ الشعب السوري؟ العالم جميعه يقف متفرجاً دون أن يقوم فعليا بشيء لبلد مرت ستة أعوام على حربه وجرحه وشهدائه وجياعه وأطفاله ولاجئيه.