أقلامهم

هل غافريلو حلبي..؟!

في عام 2010، وقفت في سراييفو على الجسر نفسه، الذي انطلقت منه شرارة الحرب العالمية الأولى، وروى لي أحد الأصدقاء أن سبب نشوب الحرب العالمية الأولى هو شاب يدعى غافريلو برينسيب، أطلق النار على ولي عهد النمسا، فرانز فرديناند لسبب نرجسي، حيث طلب الالتحاق بمجموعة عرفت باسم «اليد السوداء»، ولكن عضويته رفضت لضآلة قامته، فقرر الالتحاق بمجموعة أخرى، فرفضته للسبب نفسه، فأراد أن يثبت شجاعة استثنائية، ليكيدهم، فكان ثمن هذا الكيد ملايين القتلى.

يومها من حسن حظ السوريين أن غافريلو لم يكن حلبياً، ولا من حمص أو دير الزور، ولم يكن متعاطفاً مع قضية سوريا، كما فعل الحارس الذي أطلق النار على السفير الروسي في تركيا. ولكن لأن كل شيء يحدث اليوم في العالم هو مرتبط بالشأن السوري، حتى لو انفجرت أنبوبة غاز في مطعم للفلافل في ألمانيا، التي نقل السوريون إليها هذه الأكلة، فإن حادثة اغتيال السفير الروسي أعادت للأذهان قصة غافريلو، وكأن العالم يريد أن يقول ان سبب الحرب العالمية الأولى هو أيضاً سوريا.
الناس اليوم يتحدثون عن سؤال عظيم ومخيف: «هل سيتسبب هذا الحارس الذي اغتال السفير الروسي بحرب عالمية ثالثة؟». يبدو هذا السؤال ساذجاً بحق، وكأن الحرب العالمية الثالثة لم تقم بعد، هي قائمة فعلياً، ولكن بأسلوب مغاير للأسلوب التقليدي، فهي تدار بالوكالة من دون أن تخسر الدولة صاحبة الحرب ولا عود ثقاب، وإن خسرت هذا العود فليس من جيبها، بل من جيوب أصحاب الأرض التي يتقاتلون فوقها وأرواحهم.
منذ بداية الحرب في سوريا، فشلت الأمم المتحدة باتخاذ قرار لمصلحة الشعب السوري، ويوم اتفقت على إصدار قرار، كان مؤلماً يتمثل في وضع مراقبين أممين لمراقبة حركة النزوح، أي الخروج من البيوت إلى العراء، وكان حري بالأمم المتحدة ومجلس الأمن أن يتخذوا قراراً بمراقبة عودة النازحين إلى بيوتهم، خصوصاً في هذا الشتاء الذي يجمد أجساد بعضهم، لتصبح جليدية كضمائر بعضهم الآخر.
نعود الى طرح فكرة الحرب العالمية الثالثة، فقد سأل الإعلامي جورج قرداحي مرة أحد المتسابقين في برنامج «من سيربح المليون»: كم حرباً عالمية قامت حتى الآن، واحدة أم اثنتان أم ثلاثة أم أكثر؟ ولم يعرف المتسابق حينها الجواب، فانخرط قرداحي بموجة من الضحك.. يبدو أن المتسابق كان على حق، ويتوجب على جورج قرداحي اليوم أن يعطيه جائزة الجواب الصحيح.