أقلامهم

أول قصائد الوزراء.. كفر

رغم تفاؤلنا بخريطة الطريق التي رسمها سمو رئيس مجلس الوزراء بعد تشكيل الحكومة الجديدة، فقد صدمنا ببعض تصريحات الوزراء عقب تقلدهم مناصبهم، فمثلاً وزير الكهرباء أكد سعيه الحثيث لإقناع النواب بزيادة تعرفة الكهرباء التي أقرها المجلس المنحل، بدلاً من سعيه إلى تخفيف الضغوط عن كاهل المواطن، ووزير الأشغال أتحفنا بحديثه عن حل مشكلة تطاير الحصى خلال 3 سنوات من العمل الشاق، رغم أن الدول المتقدمة والأقل تقدماً تنجز مشاريع ضخمة في أشهر قليلة، إضافة إلى تصريحات وزراء آخرين لم تخرج عن السطحية والتفكير داخل الصندوق، ولم تظهر لديهم رؤية واضحة لحل المشاكل العالقة.

وفي الحقيقة، هناك العديد من الملفات الساخنة التي تزدحم بها طاولات الوزراء الجدد والتي تنتظر قرارات عاجلة وجريئة لحلها، فمثلاً في «التربية» يعقد الكثيرون الآمال على الوزير الجديد لحل مشاكل الشهادات المزورة والشعب المغلقة والبعثات الخارجية التي تغيب عنها الشفافية والعدالة، والبعثات الداخلية التي وصل الإنفاق عليها إلى 30 مليون دينار على 3 آلاف طالب وطالبة فقط، إضافة إلى تطوير المناهج الدراسية لتتواكب مع روح العصر واحتياجات سوق العمل والتي نسمع عنها جعجعة دون أن نرى الطحين، فضلاً عن الارتقاء بمستوى المعلمين المتدني، ومحاربة العنف المنتشر في المدارس، ومعالجة الغياب والرسوب بين الطلبة.

وتشتكي وزارة الصحة العديد من الأمراض، فهناك ما يتعلق بالبنى التحتية، حيث إن عدد المستشفيات والمراكز الصحية والأسرّة قليل بالنسبة لعدد السكان، خصوصاً في ظل عدم تخصيص مستشفيات خاصة للمواطنين وازدياد أعداد الوافدين، إضافة إلى هجرة العديد من الأطباء ذوي الكفاءة العالية، حيث استقال ما يزيد على 50 طبيباً خلال السنوات الثلاث الأخيرة ممن يحملون تخصصات مهمة، ناهيك عن ملف العلاج بالخارج الذي أصبح مرهوناً في الفترة الأخيرة بالترضيات والتكسبات السياسية، وشابه الكثير من الفساد وغياب الشفافية وهدر المال العام.

وإذا تحدثنا عن «الشؤون» فسنجد أنها تعج بالفساد فيما يخص ملفات المساعدات الاجتماعية وما أعلنته الوزيرة هند الصبيح في هذا الشأن تشيب له الرؤوس وهذا غيض من فيض، وما خفي كان أعظم، كذلك هناك مشاكل العمالة الهامشية وتجارة الاقامات التي تسيء للكويت بالخارج ودفعت بعض المنظمات إلى أن تصنفنا على أننا دولة تتاجر بالبشر، إضافة إلى الفساد المستشري في هيئة القوى العاملة التي يتم فيها تزوير تأشيرات وتصاريح العمل نهاراً جهاراً.

أما عن فساد البلدية فحدث ولا حرج، فكما قال صاحب السمو أمير البلاد «لا تحمله البعارين»، ورغم أن هذه المقولة السامية قيلت في تسعينيات القرن الماضي، فإن الوضع في إدارات البلدية، لا يزال كما هو، حيث ترزح تحت نير الفساد وتعاني ترهلاً وسوء إدارة أديا إلى الكثير من التجاوزات والرِّشا للتغاضي عن المخالفات وتمريرها، ووفقاً لما كشفه ديوان المحاسبة هناك تجاوزات في منح أراضٍ بنظام الـB.O.T من دون توقيع العقود مع إدارة أملاك الدولة التابعة لوزارة المالية، وعدم تطبيق قرار المجلس البلدي بإغلاق المحال المخالفة في مناطق السكن الخاص، كما أن التعيينات تتم من دون تطبيق المعايير، ناهيك عن الروتين القاتل في إنهاء الإجراءات والتغيير الدائم في قرارات البلدية. وفيما يخص وزارة التجارة والصناعة فقد فشلت في الرقابة على الأسعار، وفي تحقيق الاكتفاء الذاتي، حتى في السلع البسيطة، كما فشلت في حماية المنتج المحلي ودعم المشاريع الصغيرة، وفشلت في محاربة الفساد المستشري في منظومة التموين وفي مواجهة مخالفات القسائم الصناعية والحرفية والتجارية، وفشلت في السيطرة على المنظومة العقارية والتراخيص التجارية، وفشلت في تطبيق قانون حماية المستهلك ومواجهة مافيا الأغذية.

وفي الختام، أود القول إن ما تحدثنا عنه من مشاكل وفساد في هذه الوزارات ينسحب على الباقي، فقد تعودنا أن يتوارث الوزراء المشاكل ثم يورثونها دون أن يعالجوها، رغم أنهم يطلقون التصريحات العنترية والوعود الهلامية، ولكن في الواقع لا شيء يتحقق، لكن علينا أن ننتظر ونمنح الوزراء الجدد الفرصة، فربما يبيضون وجوهنا ويحققون ما فشل فيه أسلافهم من أجل الكويت التي تستحق منا جميعاً العمل على نهضتها وتقدمها.