أقلامهم

خلل العملية الانتخابية!

بعد نهاية كل عملية انتخابية تتعالى أصوات السياسيين والقانونيين في المطالبة بتعديل قانون الانتخاب وبضرورة إيجاد قانون انتخابي جديد، إلا أن تلك الأصوات سرعان ما تختفي بمجرد انتهاء المحكمة الدستورية من الفصل بالطعون التي تعرض أمامها، سواء بالرفض أو القبول، على أن تعاد المطالبات ذاتها بضرورة تعديل نظامنا الانتخابي، عند إجراء انتخابات جديدة!

والحقيقة أن تلك المطالبات الوقتية لا تعبر عن إيمان تلك الأصوات بضرورة تعديل النظام الانتخابي، بل إنها تأتي من باب التنفيس ورمي اللوم، كعادتنا، على بعض القصور الذي يصيب تشريعاتنا، بينما كان يتعين على تلك الاصوات التي ترتبط بالحكومة أو المجلس أو مؤسسات المجتمع المدني أن تبادر إلى تقديم مشروع يواكب العملية الانتخابية التي نطمح للوصول إليها، وأن نواصل في ركب الأمم المتقدمة ممارسة ورقابة العملية الانتخابية، بعد أن نعلن الرغبة صادقين في تطليق نظامنا الانتخابي الحالي لبلوغه سن الشيخوخة والمجيء بنظام يتناسب مع واقع وحال الناخب والمرشح في الكويت.

وتأتي الرغبة في إيجاد نظام انتخابي جديد كي يسند الاختصاص لجهة مستقلة في الاشراف الكامل على العملية الانتخابية، بدءا من القيد في جداول الانتخاب، ومرورا بالتظلم من قرارات الرفض لذلك القيد وإعلان اسماء من تم قيدهم بعد تنقيح الجداول الانتخابية من كل الموانع القانونية والأهلية، ثم الدعوة للانتخابات وتحديد مقار الاقتراع والاشراف على اسماء المرشحين واستبعاد من لايتوافر لهم ذلك الحق ثم تنظيم حق التظلم من قرارات تلك الجهة ولو بدرجتي تقاضٍ وبمواعيد سريعة للفصل بها، ولها الإشراف على العملية الانتخابية والتنسيق مع المجلس الاعلى للقضاء للاشراف القضائي على مراحل الاقتراع والفرز وإعلان النتائج، والفصل بالتظلمات التي تقام على عملية الاقتراع خلال مدة لا تجاوز 72 ساعه للفصل فيها، وأخيرا تنظيم أمر الطعن على الانتخابات أمام المحكمة الدستورية.

ليس ذلك الكيان ما نحتاج إليه لنجاح العملية الانتخابية والتخلص من عيوب النظام الانتخابي الحالي، فالمشكلة الأكبر تكمن في اربعة قضايا يتعين مواجهتها، وهي ارتفاع اعداد الناخبين وزيادة عدد اللجان الانتخابية وقلة عدد رجال القضاء والنيابة العامة المشرفين على العملية الانتخابية، فأعداد الناخبين في ازدياد مستمر في كل عام نتيجة اتساع عدد الناخبين، خصوصا بعد السماح للإناث في التصويت بالانتخابات، إلى أن اقترب عدد الناخبين في آخر انتخابات من نصف مليون ناخب، كما أن أعداد اللجان الانتخابية الفرعية أو الأصلية أصبحت كثيرة جدا، ووصلت في الانتخابات الماضية لـ542 لجنة انتخابية، وهو ما يتطلب عمليا ضرورة اعادة النظر في كيفية توزيعها، كما ان قلة عدد رجال القضاء والنيابة العامة يثير مشكلة في عدم إمكانية تغطية الاجراءات التي تتطلب تحقيقها العملية الانتخابية والتي تمتد لأكثر من 24 ساعة، وتحتاج الى تركيز فيها، خاصة أن ارتفاع عدد القضاة سيسمح بتخصيص قضاة للاقتراع وآخرين لفرز الاصوات، بينما تكمن المشكلة الأخيرة في طول إجراءات العملية الانتخابية الحالية، وهو ما يتعين معه العمل على ضرورة اختصار الاجراءات التي تجرى يوم الاقتراع، كأن تلغى اللجان الاصلية وتكون هناك لجان فرعية تشرف على الاقتراع وتحيل الصناديق إلى اللجان الرئيسية المشكلة من مجموعة قضاة مهمتهم فقط إجراء عملية الفرز أو يدخل الفرز الإلكتروني، بدلاً من اليدوي، مع توفير الضمانات التي تؤكد سلامة ذلك الفرز وفي وجود وكلاء المرشحين فيه.