عربي وعالمي

صبي سوري فَقَدَ ذراعيه في مخيم للاجئين يخشى ترحيله من أميركا بعد وصول ترامب للبيت الأبيض

كان ذلك عاماً حافلاً لأحمد الخلف، إذ حضر خطاب “حال الأمة” السنوي الأخير للرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، كضيفٍ خاصٍ لأحد أعضاء الكونغرس. تعلَّم أحمد قيادة الدرَّاجة والزلّاجة، وحظي بدروسٍ في الفنون القتالية والجمباز، وأمضى صيفه يلعب كرة القدم، ويسبح في بحيرة في مخيمٍ في ضواحي مدينة بوسطن بولاية ماساتشوستس الأميركية.

وحصل أحمد على أولِ زوجين من الأذرع الاصطناعية له بعد أن فَقَدَ ذراعيه منذ ثلاث سنواتٍ في انفجارٍ بأحد مخيمات اللاجئين، والذي تسبَّب كذلك في مقتل ثلاثة من أشقَّائه، بحسب صحيفة “الإندبنيدنت” البريطانية.

لكن، كصبيٍ يبلغ من العمر 11 عاماً، ويتطلع لأن يحيا عاماً آخر في موطنه الجديد، يقول إن حلمه هو جمع الشمل مع والدته وأشقائه الأربعة الناجين، والذين يعيشون في إسطنبول التركية. وقال الصبي بينما يركل كرة القدم في إحدى الحدائق العامة: “أريد أن تأتي أمي إلى هنا”.

“كل شي ممكن”

وأضاف: “أشعر وكأنني تائهٌ هنا، فقد مرَّ وقتٌ طويلٌ ولا أستطيع الاحتمال أكثر من ذلك”. لكن، وعلى الرغم من الإصابات التي لحقت به وانفصاله عن عائلته، إلا أن أحمد لا يزال لديه بعض الأمل، حيث أضاف قائلاً: “كلُ شيءٍ ممكنٌ في هذا العالم، وعليك فقط أن تؤمن بنفسك”.

وصرَّح درغام الخلف، والد أحمد، أن كل آمالهم تتوقف على قرارٍ من الرئيس دونالد ترامب، وما إذا كان سيتخذ خطواتٍ حقيقيةٍ لمنع دخول السوريين والمسلمين الولايات المتحدة الأميركية. هذا وقد قدَّم درغام بالفعل على طلبِ لجوءٍ، عازماً على تقديمِ التماسٍ لبقية أفراد الأسرة، إذا سُمح له ولأحمد بالبقاء.

وأضاف درغام: “لا أملك إلا الأمل في أن يتخذ الرئيس القرار الصحيح”، واستطرد: “أياً كان ما يقوله الناس، أنا متفائل”.

ومن جانبه، رفض مسؤولو الفريق الانتقالي لترامب الرد على رسائل البريد الإلكتروني لإبداء أي تعليقٍ إزاء هذا الشأن.

وقال درغام: “أدرك كم أنا محظوظ كوني سورياً حصل على حق اللجوء”. وأعرب عن عدم إمكانية عودته إلى تركيا بعد التنازل عن وضع الإقامة المؤقتة هناك، فضلاً عن أن العودة إلى سوريا، حيث عاشت أسرته السُّنية خارج المدينة التي سحقتها الحرب، لا تُعد خياراً.

وفي إشارةٍ منه إلى نظام بشار الأسد، قال: “لم يتبقَّ لنا شيءٌ في سوريا، فقد دُمِّرَ وطنُنا”. وأضاف: “لن أستطيع الذهاب إلى أي مكان إذا رفضتني الولايات المتحدة”.

“أنا مُستَنفذٌ عاطفياً”

يُذكر أن الوالد وابنه كانا يعيشان بين مجموعة من العائلات المسلمة منذ وصولهم في يونيو/حزيران 2015 بعد منحِ تأشيرةٍ طبيةٍ لأحمد. ويعمل السيد درغام حارساً أمنياً في أحد المساجد بعد منحه تصريح العمل في يوليو/تموز الماضي. ويأمل درغام في الحصول على اختبار رخصة القيادة في وقتٍ قريب.

ووصف درغام فداحةَ ما حصل لعائلته من انفصال، إذ تعرَّض ابنه الأصغر في تركيا لمشاكل صحية تشبه أعراض مرض الربو، وتعاني زوجته من ارتفاع ضغطِ الدمِ، ولا ينام أحمد بشكلٍ جيد دائماً، وهي المشكلة التي تسببت فيها التفجيرات الليلية وما تثيره من ذعر.

قال الخلف: “أنا مُستَنفذٌ عاطفياً”، كما أوضح أن لمَّ شملِ الأسرةِ من الممكن أن يُحسِّن من الوضع الحالي.

عادةً ما يتحدث أحمد مع والدته ويعرف أنها تكافح من أجل البقاء. حيث تعيش الأسرة، بدرجةٍ كبيرةٍ، على مساعدات الجمعية الخيرية للجالية المسلمة في نيو إنغلاند وما يرسله إليهم السيد درغام من أجره.

وقال أحمد أنه دائماً ما يحاول رفع معنويات والدته بإخبارها بما يقوم به من أمورٍ جديدة: “أحاول دائماً أن أسعدها، لكن هذا صعب”.

في الخريف الماضي، التحق أحمد بالصف الرابع في مدرسةٍ في ضواحي بوسطن. وقال إنه ينتظر الحصول على أطراف صناعية أكثر تطوراً، كما أنه يطمح للانضمام لفريقِ كرةِ القدم في ربيع هذا العام.

وقال المسؤولون في مدرسة Heights الابتدائية إن ما يعانيه أحمد من ضغوطٍ وتوترٍ لا يؤثر على دراسته، كما أعربوا عن إعجابهم بسرعة تكيُّفه مع البيئة الجديدة، إذ يتلقى العلاج الطبيعي والوظيفي (وهو علاجٌ يركّز على تطوير المهارات وتخطي عقبات البيئة المحيطة بالمشاركة في الأنشطة اليومية)، ويتلقى دعماً مباشراً في القراءة وتعلُّم الرياضيات وغيره من أشكال الدعم.

ويقول المعلم المسؤول عن أحمد، هولي جيجر إنه: “يريد التحدث إلى الناس وفهم الأمور على كافة المستويات”. وأضاف: “أحمد ليس شخصاً خجولاً، وأعتقد أن هذا هو ما ساعده”.

وقال نبيل جلال، وهو من سكان بلدة شارون جنوبي بوسطن، ومِمَّن يقدمون المساعدة لأحمد ووالده، أن أحمد يتلقى مساعداتٍ بشكلٍ دائم.

وبينما يستعد أحمد للانضمام إلى دروسٍ لتعليم الفنون والحِرَف اليدوية، لا يزال السيد جلال قلقاً إزاء ما قد يحمله العام الجديد.

وقال: “لا يمكن الاستغناء عن وجود أحد الوالدين أياً كانت الظروف الحياتية”. وأضاف: “يوجد جزء كبير مفقود”.