آراؤهم

ضغوطات الحياة.. أما بعد

يمر الواحد فينا بضغوطات الحياة الكثيرة، منها ضغط الوقت، وضغط الدراسة، ضغط العمل، ضغط الزيارات، ضغط الإزدحام، ضغط كلام الأقرباء، ضغط إشاعات مواقع التواصل الإجتماعي، ضغط وجوه الغرباء.. وضغوطات المسؤوليات التي أورثتنا إياها الحياة.

لو تأمل المرء حياته لرأى أنها ضغوطات فيها القليل من الحياة؛ أحيانًا يتمنى المرء أن يصرخ في وجه كل ذلك: “كفى.” لكن فلنتأمل جيدًا في أشياء أعطيناها أكثر من وقتها؛ في أصدقاء نكلمهم ساعات كثيرة في اليوم من غير أي هدف ولا معنى، وفي موقعٍ إجتماعي ندور بهِ هنا وهناك لترى كثير من الثقلاء وسفهاء العقول والأحلام.. كل ذلك أستنزف طاقاتنا، بدءًا من الشارع المزدحم، ووجوه غريبة لا تبتسم، كذلك الحياة الروتينية، والكتاب الذي يفترض بك أن تدرسه، وظنون الآخرين التي تحمل همّها في كل وقت، ماذا صنعت منك هذه الضغوطات غير إنسان آلي؟ إنسان مُثقل بكل هذا؟ إنسان يفتقد ذاته لأنه يبدأ بالتحوّل إلى شيء من الأشياء، لم يعد لديك روح.. لأنك تسير من غير أن تشعر، يمر بك كل ذلك ويشغل حيزًا فيك من غير أن تشغل حيزًا فيه، أنت تحتاج نفسك، تحتاج الإيمان ونداء الرحمن، من حين لحين أعط لنفسك فرصة أن تظهر، أن تعبر، أن تتركهم قليلًا وتذهب لتفتح كتاب جميل يدلّك على نفسك، أو أن تسأل نفسك: ماذا أحب؟ وماذا أكره؟ أنت مهم في ظل هذا.

قد يسعفك أن تُعطي كل ذي حقٍ حقه، كما جاء في الحديث الشريف، وألّا تسرف في الخوض في هذه الحياة، لا تُسرف في الحب، ولا بالعطاء، ولا تكلّف نفسك مالا طاقة لك به وما لست مكلفًا به، أعرف ما هو لك، وما هو عليك قبل البدء بأي شيء جديد، سيسعفك أيضًا أن تضحك في وجه غريب، فهو كذلك يمر في هذه الضغوطات مثلك، هو كذلك يعاني، هو كذلك يفتقد الحب في هذه الحياة المادية التي تُطالبنا بالكثير، وربما أيضًا أسعفك أن تنصح صديقًا وتُهدي صديقًا، هذا كله يسعفك من أن تطحنك ضغوطات الحياة، كن محاربًا لهذه الضغوطات فأنت لست آلة، كُن محاربًا لها بالأشياء البسيطة، الأشياء البسيطة أجمل ولا تكلّف الكثير، وأما إن استسلمت لهذه الضغوطات واتخذتها منهاجًا لحياتك، تدريجيًا ستكون شيء من الأشياء وتخسر نفسك، قبل فترة من الزمن قرأت مقولة في تويتر ولا أعلم من قائلها للأسف:”لا تجعل ضجيج الآخرين، يُخفت صوتك الداخلي.” كذلك أنت لا تفعل ذلك، مع الناس ولا مع الحياة مهما كنت محبًا، ومتى شعرت أنك تفتقد نفسك عُد إليها؛ وإلا رحلت للأبد مع الصعوبة في أن تعود لها مجددًا.

بقلم/ رهف كمال