عربي وعالمي

من هو إبراهيم رئيسي المرشح الأوفر حظاً لمنصب المرشد الأعلى بإيران بعد خامنئي؟

برز رجل دينٍ محافظ، يبلغ من العمر 56 عاماً، وغير معروف نسبياً للعالم الخارجي، بهدوءٍ كمرشَّحٍ أوفر حظاً ليكون المرشد الأعلى المقبل لإيران.

إبراهيم رئيسي هو سادن العتبة الرضوية المقدسة، المؤسسة الخيرية الأكثر ثراءً في العالم الإسلامي، والمنظمة المسؤولة عن أكثر أضرحة إيران قدسيةً. ويُعتَقَد أنَّه يجري إعداده ليكون أحد أبرز المرشِّحين لخلافة المرشد الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي البالغ من العُمر 77 عاماً.

تقول صحيفة الغارديان البريطانية إن حقبة خامنئي، التي امتدت لأكثر من ربع قرن، تنتهي فقط بموته؛ لكنَّ الموت المفاجئ لآية الله هاشمي رفسنجاني، أبرز ساسة البلاد الأحياء، الأحد 8 يناير/كانون الثاني، أحيا التكهُّنات حول خلافة المرشد من جديد.

ففي 2014 أُعلِن أنَّ خامنئي، أكبر صانع قرارٍ في البلاد، والقائد الأعلى لقواتها المسلحة، خضع لعمليةٍ جراحية في البروستاتا، وهو ما كسر أحد المحظورات بشأن هذا الموضوع.

كان رفسنجاني، الذي سيُوارى الثرى الثلاثاء، 10 يناير/كانون الثاني، قوةً سياسيةً رئيسية في إيران. ورغم أنَّ نفوذه السياسي تراجع في السنوات الأخيرة، بعد تحوُّل انتمائه السياسي إلى الإصلاحيين، إلّا أنَّ الساسة الإيرانيين كانوا يرون أنه مازال يمتلك من النفوذ ما يكفي للضغط من أجل وجود مرشَّحٍ أكثر اعتدالاً لخلافة خامنئي.

وكشف رفسنجاني في مقابلةٍ مع إحدى الصحف في يونيو/حزيران أنَّ شخصين فقط قد اختيرا مرشَّحين نهائيين للمنصب من قِبَل مجلس خبراء القيادة، الهيئة الدينية المسؤولة عن اختيار المرشد الأعلى المقبل، رغم أنَّه لم يكن هناك تأكيد رسمي.

والمرشَّحون الثلاثة الآخرون هم آية الله الهاشمي الشاهرودي، وصادق لاريغاني، الرئيسين السابق والحالي للسلطة القضائية، والرئيس الحالي لإيران، حسن روحاني. ويُعَد رئيسي أقرب إلى دائرة خامنئي المقرَّبة، لكنَّه يمتلك خبرةً تنفيذية أصغر نسبياً من باقي المرشَّحين.

تصدّر رئيسي

فاجأ تقدُّم رئيسي في الصدارة منذ اختياره في مارس/آذار الكثير من المعلِّقين السياسيين. ويرتدي رئيسي عمامةً سوداء، في إشارةٍ إلى كونه سيداً، أي من نسل النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، في المذهب الشيعي.

وقال محسن كاديفار، الذي درس في حوزة قُم، أبرز المراكز الدينية الشيعية في إيران، إنَّ هذه الحقيقة وحدها تزيد من فرصه لتولي المنصب الأعلى بنسبةٍ تصل إلى حوالي 30-40%. آية الله الشاهرودي كذلك سيدٌ هو الآخر.

وقال حسين رسَّام، وهو مستشارٌ سابق لشؤون إيران في وزارة الخارجية البريطانية، إنَّ وظيفة رئيسي الحالية تمثِّل قاعدةً قويةً لزيادة فرص قيادته. وقال رسَّام: “إنَّه سادنٌ لضريحٍ يُمثِّل مقصداً لملايين الحجاج الشيعة كل عام، وأعتقد أنَّ ذلك مهمٌ للغاية”. وتُقدَّر أعداد الزائرين لضريح الإمام الرضا (في العتبة الرضوية) كل عام بنحو 30 مليون حاج.

وأضاف: “لديه أيضاً علاقاتٌ وثيقة بفاعلين رئيسيين في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بدءاً من المرشد الأعلى نفسه، وصولاً إلى الحرس الثوري. وتشير كل الدلائل إلى أنَّ فرصه في أن يصبح المرشد الأعلى المقبل تتزايد بسرعةٍ كبيرة”.

وكان رئيسي بالكاد قد بلغ مرحلة الرشد عند حدوث الثورة الإسلامية في 1979، لكنَّه تدرَّج بسرعةٍ بين مراتبها. وفي صيف عام 1988، كان واحداً من بين 4 قضاة شرعيين يقفون خلف الإعدامات الجماعية لليساريين والمعارضين.

وفي الآونة الأخيرة، كان مُدَّعياً عاماً لإيران، ولا زال يتولَّى قسماً مهماً جداً داخل القضاء باعتباره رئيساً للمحكمة التي تحاكم رجال الدين المثيرين للمشاكل. وهو متزوجٌ من ابنة آية الله المتشدِّد، الذي يمثِّل خامنئي في محافظة خراسان رضوى الشرقية، موطن ضريح الإمام الرضا.

وقال رسَّام إنَّ رئيسي استفاد أيضاً بتورُّط الشاهرودي ولاريجاني في قضايا فساد، وكذلك من بقائه بعيداً عن النزاعات الداخلية. وقال رسَّام ليس من المُرجَّح أن يُضِر دوره في الإعدامات الجماعية للمعارضين في الثمانينات بموقفه، هذا في الوقت الذي أبرزت فيه الصور التي ظهرت لقادةٍ عسكريين بارزين أثناء جلوسهم بصورةٍ رمزية عند قدميه خلال زيارتهم له في مدينة مشهد سلطته وقوته.

وقال مرتضى كاظميان، وهو ناشطٌ سياسي بارز يعيش في المنفي في باريس، إنَّ علاقات رئيسي بالحرس الثوري، ووكالات الاستخبارات، ودائرة خامنئي المقرَّبة، بما في ذلك ابنه مُجتَبى، جعلته الأوفر حظاً ليكون المرشد الأعلى المقبل.

وأضاف: “فرص رئيسي أعلى، لكن ما سيحدث في اليوم الذي يموت فيه خامنئي يعتمد كثيراً على التوازن السياسي الذي سيكون قائماً في تلك اللحظة”.

وتوصَّل كاديفار، الذي هو الآن أستاذٌ باحث في جامعة ديوك بالولايات المتحدة، إلى ملحوظةٍ أكثر تحفُّظاً. فعلى الرغم من أنَّه يرى رئيسي كمرشَّحٍ محتملٍ، إلّا أنَّه يعتقد أنه لا توجد إشاراتٍ كافية على اعتباره المرشَّح الأوفر حظاً. وحذّر من أنَّ “سلطة خامنئي فعَّالةً طالما أنَّه حي، لكن بمجرد وفاته، ربما تتغير كافة الولاءات السياسية، ما يجعل كل الحديث عن المرشَّحين المُحتمَلين مجرد تخمين”.

وأضاف: “فرص روحاني أكبر بكثيرٍ من الآخرين. فلديه الخبرة، والعلم الإسلامي، والمصداقية في أوساط النُخَب”.

ويعتقد كاديفار، وهو منتقدٌ قوي للفقه الإسلامي، أنَّ هناك إشاراتٍ على أنَّ خامنئي يرغب في إجراء تعديلاتٍ دستورية لإلغاء منصب الرئيس، أو جعله رمزياً، وإعادة دور رئيس الوزراء.

وقال كاديفار: “أثبت الرؤساء في إيران أنَّهم مُزعِجون للغاية للمرشد الأعلى، بينما البرلمان عادةً ما كان يتحرَّك في إطار الخطوط الحمراء. ومن شأن رئيس وزراءٍ مُعيَّنٍ من قِبَل برلمانٍ كهذا أن يُهدِّئ من مخاوف المرشد”.

وثمة نظرية أخرى ترى أنَّ خامنئي قد يُحدِّد مدة ولاية منصب المرشد الأعلى بعشر سنوات، ما يجعل من المرشد الأعلى المقبل أقل في النفوذ. وفي حين يعتقد الكثيرون أنَّ شخصيةٍ كخامنئي ستكون راغبةً في اختيار خليفتها بنفسها، يعتقد رسَّام أنَّ آية الله خامنئي سيترك القرار إلى المقرَّبين منه، وسيصادق مجلس خبراء القيادة ببساطة بصورةٍ شكلية على ذلك الترشيح.

ويقول رسَّام إنَّه في ظل هذا المناخ الحالي في إيران، يمتلك رئيسي “فرصةً كبيرةً للغاية في أن يصبح المرشد الأعلى التالي”.

تعليق واحد

  • (سادن)..عتبه مقدسه..!!!….خذوها يا بني أبي طلحة بأمانة الله لا ينزعها منكم إلا ظالم”، تلك المقولة التي أوصى بها النبي “صلى الله عليه وسلم”، حين قبض مفاتيح الكعبة، ودخلها يوم الفتح، ثم خرج وهو يتلو: “إن الله يأمركم أن تودُّوا الأمَانَاتِ إلى أهلها”، ودعا عثمان ابن طلحة، وهو أحد أحفاد قصي بن كلاب من أبناء إسماعيل عليه السلام، ودفع إليه مفتاح الكعبة…

أضغط هنا لإضافة تعليق