معالي وزير الاعلام.. بعدما تزينت الكويت مؤخراً بصروح فنية ثقافية رائعة ولله الحمد، يتطلب الأمر الآن صحوة فنية ووقفة جادة لنهضة الفن الجميل كما كان في الماضي وأفضل، لأن المضمون هو الأساس وإلا أصبحت المباني كعلب الشوكولاتة الفارغة.
حين كانت الكويت رائدة في الثقافة والفن كانت الحرية من أهم عناصرها، حيث كنا نشاهد بالماضي جرأة الطرح “الهادف” وكان كل مبدع يتنافس على تقديم الأفضل ولا يخشى أحداً في طرح رؤيته على سبيل المثال الراحل صقر الرشود كانت أعماله تحمل في طياتها القضايا العربية وسوء استخدام السلطة، الراحل عبدالأمير التركي وسعد الفرج كانت أعمالهما تحمل في طياتها نقد التيارات والأحزاب ومجالس الأمة أما عبدالحسين عبدالرضا كانت أعماله تحمل في طياتها اسقاطات على التجار ومصالحهم التي تعرقل مصالح الدولة وعبدالله الحبيل كانت أعماله تحمل في طياتها اسقاطات على سوء ادارة مؤسسات الدولة وفساد ممثلي القانون وهكذا، وكان كل مسرح يحمل توجها منفردا ومختلفا، وهذا جميعه كان ينصب في صالح الفن والابداع وبلا شك كان الداعم لهذه الابداعات سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد حفظه الله ورعاه حين كان وزيراً للإعلام وكذلك المغفور له بإذن الله الشيخ جابر العلي حيث كانا يؤمنان بقيمة الفنان المميز ويعتبرانه من أهم الثروات القومية ويجب على الدولة رعايته وتوفير المناخ المناسب له ويتركاه يغرد كما يشاء لذلك أصبح الفن الكويتي له شأن على المستوى الخليجيوالعربي ولكن ما الذي تغير؟
لماذا حرية الفن هجرتنا وانتقلت الى الدول المجاورة بعدما كانت تقيم هنا في عاصمة الثقافة هوليوود الخليج وتحتضن الطاقات المحلية والخليجية والعربية؟
أصبح في حاضرنا الجرأة الهادفة ممنوعة والجرأة في خدش الحياء مقبولة.
على الصعيد الشخصي كتبت مسلسل تلفزيوني بعنوان عايش في زمن طايش حيث يتناول قضية الساعة وهي وقوع الشاب في أيادي أصحاب الفكر الضال ويكون ضحية التطرف والارهاب بسبب إهمال أسرته له وللأسف لم أجد التشجيع والدعم هنا وهذا أيضا حال العديد من المؤلفين الشباب حيث يطمح الكثير منهم الى أن يساهموا في ابراز قضايا مهمة تهم المجتمع وكان الرفض مصيرنا رغم أن الكويت البلد الأكثر حرية ودستورها كفل للفرد حق التعبير بأي وسيلة كانت تحت سقف القانون ولكن هذا التضييق والتعسف نتيجة الفشل الاداري ودليلاً على ذلك بأن هذه المواضيع تطرح في الصحف ومواقع اًلتواصل الاجتماعي بدون رقابة مسبقة ويتمتع كاتبها بالحرية، لذلك هاجر بعض كتاب الدراما الى دول أخرى لتحتضن ابداعاتهم وظل البعض هنا يقدم أعمالاً وهو مكبلاً بسلاسل الرقيب!
معالي الوزير.. أصبح الرقيب وصيا حتى على رموز الفن ووصل الحال أيضاً أن يعبث حتى في الأعمال الفنية القديمة حين تعرض الآن حيث يقتطع منها كل ما يتعارض مع تفكيره.
وزارة الاعلام مع الأسف أعدمت الابداع وحرمت المبدعين من مشاركاتهم الابداعية وأصبح المبدع يخشى تقديم هذا النوع من الأعمال حتى لا يقع تحت طائلة المساءلة!
كان الرقيب في السابق (فنان) يبني فناً ولا يهدم حيث كان يعالج الأعمال ان وجد فيها خللا ما ويساهم في اعدادها واثراءها حيث كان ذو خبرة ومعرفة ولم يكن مجرد موظف يقتصر عمله بالقبول أو الرفض حسب النظم الادارية.
معالي الوزير.. ارجو منك أن تلجأ لأصحاب الخبرة، ليس قصوراً فيك أو في قيادات الوزارة ولكن وضعنا السلبي يحتم علينا اخذ النصيحة والارشاد ممن عاصروا زمن الفن الجميل وكانوا وراء ذلك الابداع ليكونوا عوناً لكم ونأمل فيكم خيراً لتعيدوا ان شاء الله ما فقدته بلدنا الحبيبة الكويت منذ سنوات طويلة.
@s_alhubail
أضف تعليق