كتاب سبر

الدعاء على أهل الكتاب بهلاكهم أم بهدايتهم للإسلام؟

تصور أنك تمر بجانب كنيسة في أوروبا أو أمريكا وتسمع القس يدعو على المسلمين بأبشع أنواع وأصناف الأدعية، بكل تأكيد ستفر بعيدًا عن تلك الكنيسة خوفًا وهلعًا من مرتاديها والذين قد يكتشفون أنك مسلمٌ وبالتالي ينتقمون منك، بينما الحقيقة وكما هي نشهد المراكز الاسلامية منتشرة في أصقاع أوروبا وأمريكا والغرب بشكل عام فضلاً عن احترام المسلمين وضمان حقوقهم بشكلٍ يفوق ما يتمتعون به من حقوق في أوطانهم الأصليه.

وبالمقابل يلهج خطباء الجمعة لدينا بالدعاء على أهل الكتاب بشكل مطلق دون التفريق بين من اعتدى علينا ومن لم يعتدِ، فقد ثبت عن النبي – صل الله عليه وسلم – أنه دعا لأفراد وجماعات من المشركين بالهداية، ودعا على آخرين بالهلاك والعذاب جراء العدوان والاعتداء على المسلمين، ولهذا اعتنق الإسلامَ النخب من فلاسفة ومفكرين وشعراء وأدباء من الغرب والشرق تأثرًا بأخلاق الرسول عليه الصلاة والسلام ولسماحة الإسلام ووسطيتة واعتدالة، ولم يعتنقوا الإسلام نتيجة الدعاء عليهم بالفناء والهلاك، فضلاً عن أن من اعتنق الإسلام من تلك النخب الغربية والشرقية أسلم على أيديهم آلافٌ من بني جلدتهم، كذلك انتشر الإسلام في أصقاع الدنيا ليس بالسيف والقوة وكما يردد ذلك بعض المهرطقين، بل انتشر بالدعوة ولين الجانب، وقد أكدت ذلك العديد من الآيات في القران الكريم، حيث يقول المولى عز وجل “ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ” الآية 125سورة النحل، ويقول: ” لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ” الآية6 سورة الكافرون، ويقول: “فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ” الآية 40سورة الرعد ، ويقول: “فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ” الآيتان 21،22 سورة الغاشية ، صدق الله العظيم.
يبقى أن أقول ايها السادة، بان تلاقح الحضارات وحوار الأديان والذي دعا له الملك عبدالله بن عبد العزيز – رحمه الله – فقد جاء ذلك حتى يجد ارضًا صلبة وقواسم مشتركة بين الأديان والحضارات والثقافات وذلك لتعزيز التعايش والقيم الإنسانية، باعتبار أن الأديان السماوية الصحيحة والحقيقية وغير المحرفه جميعها يدعو للتسامح والمحبة والاعتدال وترسيخ السلام العالمي بمفهومة الشامل، والذي يقدم انموذجًا حضاريًا راسخًا للتعايش السلمي.