أقلامهم

أضحوكة التركيبة السكانية!

ما يثار اليوم حول آخر الإحصاءات الرسمية بخصوص التركيبة السكانية لا يضيف جديداً إلى هذا الموضوع، ورغم الكثير من التعليقات التي لها ما يبررها فإنها ستذهب أدراج الرياح كسابقاتها، فالأرقام الجديدة تبين أن نسبة الكويتيين من مجموع عدد السكان تبلغ 29% مقابل 71% من الوافدين من أكثر من مئه جنسية.

هذه النسبة تماماً كانت عام 1990 أي قبل الغزو العراقي، ولكن الحكومة تعهدت بعد التحرير أن تعيد توازنها بحيث يصبح الكويتيون 40% مقابل 60% للمقيمين في فترة خمس سنوات أي مع حلول 1996، وهذا التعهد الحكومي أيضاً تم لحسه، وبذلك لم يعد هناك أي فارق للانتقاد أو التعليق، وبمعنى آخر لم يتغير الواقع السكاني في الكويت على مدى ثلاثة عقود.

هذه التركيبة بالتأكيد غير سوية على الإطلاق، ولها دلالاتها ومؤشراتها السلبية على معايير التنمية والناتج القومي الوطني والضغط على الخدمات العامة، وحتى إهمال تأهيل الكويتيين للمهن الحرفية والمهنية كونها واقعة تحت سيطرة الأجانب، إلا أن محاولة استغلال الأرقام الإحصائية وسعي البعض إلى التباكي على فرص العمالة والتوظيف ففيها مبالغة مصطنعة بشكل أو بآخر.

فعلى سبيل المثال، لا توجد إحصاءات دقيقة لأعداد غير الكويتيين في قطاع العمل الحكومي، وهي أرقام قد تكون بسيطة جداً وعلى بند المكافآت أو الأجر مقابل عمل، وبالتالي من غير المقبول أن تتهرب الحكومة من توظيف خريجي المعاهد والكليات والجامعات، أو أنه بإزاحة غير الكويتيين ستتوافر عشرات الآلاف من الشواغر الوظيفية للكويتيين، بل على الحكومة خلق فرص عمل جديدة قادرة على استيعاب الأعداد المهولة من المواطنين المتوقع تخرجهم خلال السنوات القادمة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن علتنا ليست بالوافدين في القطاع الخاص، بل في أرباب العمل الذين دللتهم الحكومة بسخاء في المناقصات وأشكال الدعم المختلفة والإعفاء من الضرائب وسداد نصف رواتب الموظفين الكويتيين لديهم، إلا أن هذا الكرم الحكومي يواجه «بتفنيش» الكويتيين بجرة قلم أمام صمت الحكومة وعجزها عن اتخاذ أي تدابير لمواجهة ذلك.

أخيراً، الغالبية العظمى من الوافدين، أي ما قد يصل إلى 80% منهم، يمتهنون الأعمال البسيطة جداً كالنجارين والسواق والخبازين وأصحاب الكراجات ومعلمي الأدوات الصحية والكهربائية وخدم المنازل وأمثالهم، وهذه المهن بعيدة جداً عن مجال التوظيف للكويتيين، ولا أعلم السر في زج أرقامها في التحليلات والتعليقات الخاصة بفرص العمل والتوظيف، بل إن معظم تصاريح عمل هذه الفئة هي فردية أو شركات شخصية محدودة، أي أنهم تحت كفالة المواطنين العاديين.

من الخطورة بمكان استغلال خلل التركيبة السكانية وتجنب آثارها الاجتماعية والأمنية وحصرها في مجال التوظيف، وإعفاء الحكومة من أكبر مسؤولياتها في مجال فتح آفاق العمل المنتج الذي يساهم في رفع كفاءة الموظف الكويتي، وللعلم فإنه خلال السنوات العشر القادمة نحتاج إلى ما يقارب 400 ألف فرصة عمل، وهي أكثر من قوة العمل الكويتية الحالية، فهل هناك أضحوكة أكبر من هذه المأساة؟!