آراؤهم

اكرام النفس في زمن المفاسد(١)

المجتمع الكويتي منذ نشأته بطبيع الحال هو شعب بسيط متواضع متسامح محافظ يتخذ من أصول ديننا الاسلام قيم التعاون والمحبه والصدق والامانة، ولاشك ان عاداته وتقاليده مرتبطة بطبيعة نشأة هذا المجتمع المحافظ المترابط ، والكويتي فرد من منظومة بشرية تتصف بالبساطة ولظروف الحياة القاسية كان العمل والإنتاج والصدق هو السمه السائدة في ذاك الزمن ، ومع مرور الوقت وتوالي السنوات تلو السنوات ، ومع اختلاط المجتمع الكويتي مع غيره ودخول عادات وسلوكيات دخيله على مجتمعنا ، ومع التطور التكنولوجي والتقنيات بوسائل الاتصال ، ومع الوفره الماديه التي انعمنا الله بها بدأت بذرات الفتنه تنتشر في هذا المجتمع ، ومع السلوكيات الدخيله المستوردة لمجتمعنا بدأنا نعاني قبل ان يعاني الوطن .

من أوصل الفساد للمؤسسات هم أفراد، وقبل ان نطالب المؤسسات بالرقابة لفرض النظام ومحاسبة متجاوز ، يعلم المتجاوز ان فوق كل رقابه بمؤسسات البلاد حسيب رقيب وهو رب العباد ، مع الأسف اليوم نستنكر ونتذمر من العديد من القضايا في الكويت، العديد من مظاهر الفساد التي نهشت بالجسد الكويتي وأخلاقياته وطال مؤسساته.

لدينا اليوم قضية وملف خطير وهو الاستيطان إذ بات ارتفاع نسبة المقيمين ٣ أضعاف المجتمع الكويتي أزمة واقعيه اثارها وخيمه ، وبلا شك ان هذا التضخم هو سبب رئيسي بتردي الخدمات التي توفرها الدولة لسكان الكويت، ومطالبة السلطة التشريعية بوضع حل لهذه القضية هو امر سليم، لكن أساس هذا الملف هم الفاسدين تجار الإقامات ! من ساهموا بتضخم هذه الأعداد والمتاجرة بها.

نموذج اخر للفساد هو في من يتجاوز القانون ويسمح بإصدار تراخيص تجارية وهمية بعد انعدام الوازع والأمانه والقيم لديه قبل ان يكترث لقانون يمنعه أساساً، أحد مظاهر السلوك الفاسد أيضاً في من يقبل بإصدار تراخيص قيادة مقابل رشوه ! صفه نتنه دخيله علينا ساهمت بخلق بؤرة فاسدة نتيجتها شوارع تكتض بالسيارات !.

أيضا أحد المظاهر نراها عند من يقبل بحمل شهادة جامعية مزورة مقابل مبلغ فهي شهادة وهمية كاذبه تم الحصول عليها مقابل رشوه !، من يتمارض ليحصل على حقوق علاجيه سياحيه بالخارج مقابل ضياع أحقية من هم فعلا يعانون من المرض هذا فساد اخلاقي وتعمد بإهدار أموال عامه لمصلحته الخاصة للمتعه والترفيه! ، احد المظاهر أيضا في بعض المسؤولين ! الذي اقسم على اداء دوره بالامانة والصدق لكنه فشل في أداء دوره المناط به ولم يحافظ على الامانه بإهدر أموال الشعب وتمسك بمنصبه لمصالحه الشخصية فهو فاسد وليست من القيم النبيلة والاحساس بالمسؤولية .

لتعود الكويت كما كانت ، علينا مراجعة أنفسنا ومحاسبتها قبل حساب الآخرة ، علينا مواجهة تلك المظاهر وتقديم النصيحه لها ، لا مال دائم ولا منصب دائم ولا صحة تدوم ولا حياة خالده ! اجعل من أخلاقك وقيمك نهج وسلوك حيث يتربى ابناءك في بيئة نقيه .

ختاماً .. هناك قاعدة فقهية عزيزي القارئ اقتبسها في هذا الموضوع اذ تقول “ان درء المفاسد مقدم على جلب المصالح” ، بمعنى ان لو اتاك احدهم وطلب منك ان تهاجم مجموعه وتتهمهم وتسيء لهم في حين تلمع شخصيته امام العوام وهذا مقابل ماده أو منصب أو اَي مصلحه شخصيه لك ، فإن القاعدة تقول أرفض ولا تقبل لانها مفسده فيها من الفتن والازدراء والبغض والطعن ، فاحترم ذاتك واكرم نفسك وابدأها بنفسك .