أقلامهم

“دملة” الإيداعات!

قضية الإيداعات منذ أن فجرتها الصحافة في أواخر عمر مجلس 2009 ألقت بظلالها على الوضع السياسي العام في الكويت، وكانت قطب الرحى في كل ما رأيناه من أحداث وتطورات ونتائج للمشهد، بدءاً من سابقة استقالة رئيس مجلس الوزراء وحل مجلس الأمة، ثم الحراك الشعبي وتعديل النظام الانتخابي وتبعاته، وبطلان مجلسين تشريعيين متتاليين وحل مجلس 2013، وانتهاءً بالجلسة الأخيرة في المجلس الجديد، وكانت بمثابة “الدملة” التي تكبر مع الوقت ولكنها حتماً ستنفجر في لحظة ما.

الإيداعات باختصار عبارة عن التهم التي وجهت لعدد من النواب بتضخم أرصدتهم البنكية بملايين الدنانير خلال بضعة شهور شهدت في حينها مجموعة من الاستجوابات في مجلس الأمة، ولذلك ارتبطت بشكل مباشر بكونها صفقات مشبوهة تعتريها شكوك شراء المواقف السياسية داخل البرلمان، وتدحرج هذا الملف في عدة مجالس متعاقبة أجريت حولها تحقيقات برلمانية، إضافة إلى تحقيقات النيابة العامة في وقتها، وكانت محل جدل وتشكيك في صحة وقائعها حتى حسمها النائب الفاضل رياض العدساني في الجلسة الأخيرة ففجّر الدملة، وتحمّل مسؤولية ذكر الأسماء والمبالغ المالية الخاصة بها من وحي تقارير لجان التحقيق البرلمانية، وسجّل سابقة اتسمت بالشجاعة السياسية، بغض النظر عن النتائج القانونية لهذا الملف الذي تم إغلاقه مبكراً بحجة عدم توافر الغطاء التشريعي للاستمرار فيها في أروقة المحاكم.

ردود الفعل النيابة وحتى الشعبية تجاه ملف الإيداعات قد ينطبق عليها مبدأ “من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر” القرآني من حيث تصديق أو تكذيب هذه الواقعة، وهي مواقف مسبقة أصلاً تزامنت حتى مع بدايات كشف ما عرف بموضوع “القبيضة” أيضاً، غاية ما في الأمر أن الجلسة الأخيرة وثقت الحادثة بالأرقام والمستندات وحتى الأسماء.

قصة الإيداعات تظل مجرد حلقة من سلسلة فضائح مالية هزت الكويت ومصداقية مسؤوليها ومؤسساتها سياسياً وأخلاقياً، وحركت معها الكثير من مشاعر الغضب والأسى من انعدام الشفافية ومنظومة محاربة الفساد والحفاظ على الأموال العامة، وباتت ثقافة الرشوة والمال السياسي وشراء الذمم وغيرها من صور الفساد ذات قناعة راسخة في عقول معظم الكويتيين سواءً قدمت المستندات والأدلة حولها أو لم تقدم.

لذلك نتمنى من أعضائنا الكرام أن يستغلوا الفترة الزمنية المقبلة، وبشكل سريع، لكشف الملفات الأخرى المشابهة والمتزامنة مع قضية الإيداعات، وفي مقدمتها ملف التحويلات الخارجية، وكذلك ملف العقار الخاص بالنواب، حيث لا يقل أي منهما خطورة عن قضية الإيداعات، لعل وعسى تتضح خريطة الطريق لوضع أسس إصلاح سياسي حقيقي في هذا البلد!