آراؤهم

“حنين طالبان”

بعد غزوهم الفكري قبل عقود، وبشعاراتهم الهزلية التي قادت شبابنا إلى هاوية الحروب في أفغانستان، و محاولتهم السّيطرة على مؤسسات الدولة المدنية، هاهم الآن يعيدوننا إلى دوّامة المربع الأول.

قبل أيام خرجت أصوات من القاع تنادي بأسلمة القوانين المدنية لتحويل الكويت من دولة مؤسسات إلى “كويتستان” فيظنون أنّهم حماة الرّب و سيفه المسلول بلحاهم الطويلة و ثيابهم القصيرة.

يقول ألبرت آينشتاين ” الغباء هو فعل نفس الشيء مرتين بنفس الأسلوب و نفس الخطوات و انتظار نتائج مختلفة”،
فمنذ ١٤٠٠ سنة و بعد فشل الأيديولوجية الدّينية لإثبات نفسها كمشروع دولة حديثة التي لم تنتج سوى الصراعات الدائمة و الحروب الطائفية و الإقصاء والكراهية للآخر حسب تاريخنا المزخرف بالدّم والسّيف، لا زالوا يُريدون تطبيق الماضي على زمن الحاضر و ينتظرون نتائج مختلفة !

إن حزبهم الديني المنتهي بكلمة “أمة” هو بالحقيقة لا يمثّل إلا طائفتهم ضاربين بعرض الحائط مكوّنات المجتمع المتنوع وفق فكرهم الإسلاموي ذو فكر أحادي المنهج و ذات أيديولوجية إقصائية، فكلمة حرّية وفق قاموسهم تقتصر فقط على حريّة الصّراخ و اللعب بأوتار العاطفة متناسين أن كلمة حرية أعمق من ذلك فهي تشمل حرية التعبير و الفكر و الأديان.

إن الدولة الحديثة تعامل الفرد على أساس المواطنة الحقيقية بغض النظر عن الجنس أو الدين أو العرق ، عكس الدولة الدّينية التي ينادون بها التي تعامل الفرد كمسلم او كافر فلا ينتج عنها غير التمييز و الطبقيّة الدّينية، زد على ذلك إقصاء كل فكر و معتقد آخر يخالفهم تحت مسمى “الضّلال” أو قمع أي ممارسة للحرية الإنسانية و المدنية تحت عذر “باب سد الذرائع”.

إن طرح مثل هذه المواضيع القشورّية في قبة الحريّة بإستغلالهم هذا الصرح الديمقراطي لفرض فكرهم الإسلاموي الأحادي و فرض الوصايا على مجتمع متعدد الأديان و المذاهب و التوجهات و سلب حرّياتهم المدنية هذه أُم الظواهر السّلبية لأنها تهدد توجّه الدولة المدني يا رئيس لجنة الظواهر السلبية ، فهل ستطبق التشريع السلفي أم الإخواني أم الجعفري!
وقد خاب مسعاكم قبل سنوات برفض سمو الأمير أكد فيها حينئذ أن الأخذ بهذا المقترح من شأنه إثارة الخلافات السّياسية و إثارة الفتن الطائفية المذهبية ، ما يهدد الوحدة الوطنّية.
فتعديل المادة ٧٩ من الدّستور ماهو إلا محاولة “دعشنة” القوانين وتحويل الكويت من دولة مدنية التي تحوي جميع أطياف المجتمع إلى ديني أحادي المعتقد والتوجّه.
فبداية أسلمة القوانين تعني بداية بزوغ طالبان جديدة ، وكما يقولون “الدين لله و الوطن للجميع” ، و عاشت الكويت مدنية.