عربي وعالمي

المستوطنات تلتف حول “وادي قانا” كالأفعى مقتلعة أشجار الليمون والبرتقال

بين جبال شاهقة الارتفاع تكسوها خضرة الأشجار يتمدد (وادي قانا) على نحو 15 الف دونم لا شيء يشوه جماله سوى المستوطنات السبع الجاثمة على قمم الجبال المحيطة به ملتفة حوله كالأفعى بعد أن اجتثت جذور أشجار الليمون والبرتقال الموجودة في بطن الوادي منذ عشرات السنين.

أصوات الجرافات التي تسوي الارض تمهيدا لزرعها بالمزيد من الوحدات الاستيطانية تقتحم هدوء الوادي وتتحول إلى مصدر قلق للمزارعين الفلسطينيين.

وفي لقاء أجرته وكالة الانباء الكويتية (كونا) مع عدد من المزارعين أكد نصار منصور من بلدة (دير استيا) في (سلفيت) تمسكه بأرضه البالغ مساحتها 12 دونما رغم اقتلاع المستوطنين أشجارها أربع مرات.

وقال انه بعد انهاء عمله في جني ثمار الليمون والبرتقال يمسك شبابته (المزمار) ليعزف بانفاسه نغمات ترسم صورا من الصمود والتحدي في مقاومة الاحتلال.

وأضاف “نتفاجأ بين حين وآخر بإغلاق المنطقة من قبل جيش الاحتلال والمستوطنين ومنعنا من الوصول إليها ليقوموا بعدها باقتلاع أشجار الحمضيات والزيتون”.

وتحدث منصور عن شكل آخر من المعاناة ويتمثل في ضخ المياه العادمة من المستوطنات المقامة على قمم الجبال للتأثير سلبا على المزروعات ومياه الينابيع والمياه الجوفية.

من جهته قال صلاح منصور وهو شقيق نصار انه يمتلك 50 دونما مزروعة بالليمون والزيتون لكنها لم تسلم من اعتداءات المستوطنين المتكررة ومحاولات سرقة المحصول.

وأضاف “نعيش في خوف دائم..فالمستوطنون مسلحون ويهاجموننا أثناء عملنا في الأرض لاجبارنا على الرحيل لكنهم لن يفلحوا في ذلك فهذه أرضنا ولن نرحل مهما فعلوا”.

ويقع وادي قانا في المنطقة المصنفة (ج) التي تحرم إسرائيل الفلسطينيين من استغلالها وهجرت عشرات العائلات الفلسطينية من وادي قانا الذي سكنته لسنوات وعادت إلى بلدة دير استيا بسبب تلوث مياه الينابيع.

وأقامت إسرائيل في نهاية السبعينات وأوائل الثمانينات عدة مستوطنات منها (عمانويل) و(كرنيه شمرون) التي توسعت وامتدت على الجبال المجاورة و(يكير) و(نوفيم) وفي نهاية التسعينات أقيمت بؤر استيطانية أخرى هي (ألون شيلو) و(إل متان) و(حفات يئير).

وكانت سلطة الطبيعة والحدائق الاسرائيلية قد اعتبرت في عام 1983 وادي قانا والمنحدرات المحيطة به محمية طبيعية الا ان المستوطنات واصلت ضخ مياه مجاريها في الوادي حتى عام 2006 وتم ربطها بشكبة مجاري لكن بؤرتي (ألون شيلو) و(إل متان) مازالتا تضخ مياههما العادمة الى المحمية.

وقال مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة (بيتسليم) في تقرير له إن اسرائيل فرضت قيودا على العمل الزراعي الفلسطيني بدعوى تشكيله مسا بالقيم الطبيعية في المحمية واتلفوا قنوات الري التي حفرها السكان وفي العام 2011 منعوا المزارعين من غرس الأشجار.

وأضاف أن الإعلان عن وادي قانا محمية طبيعية يهدف لاقصاء الفلسطينيين عن أراضيهم فاسرائيل تمنعهم من البناء وتطوير المنطقة وتقيد استخداماتها.

وأشار إلى مخططات إسرائيلية لتطوير وادي قانا كموقع سياحي منها اعلان رئيس مجلس مستوطنة (كرنية شمرون) عام 2010 عن مخطط لتحويل وادي قانا إلى الساحة الأمامية للمستوطنة في تجاهل لحقيقة أن أراضي الوادي مملوكة لفلسطينيين.

وقال مساعد رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان قاسم عواد إن إعلانات الاحتلال للمناطق الطبيعية جاءت بما يخدم المصلحة الاستعمارية التوسعية الاسرائيلية.

وأضاف عواد ل(كونا) “من يرى الخريطة الجوية لوادي قانا والمستوطنات حوله يدرك أن الهدف هو تحويلها إلى متنزه للمستوطنين وتوسيع المستوطنات والسيطرة على واحد من أهم مصادر الثروة الطبيعية الفلسطينية بما فيها المخزون المائي”.

وتابع ” تحولت أشجار وادي قانا التي زرعها الفلسطيني إلى وقود لمدافىء المستوطنين في منازلهم المقامة على اراضينا” موضحا “يحرم المزارع من زراعة الأشجار في محمية طبيعية في المقابل يتم بناء الاف الوحدات الإستيطانية”.

وبين عواد أن 700 وحدة استيطانية من اصل 6900 وحدة اقرتها الحكومة الإسرائيلية منذ مطلع عام 2017 ستقام في مستوطنات سلفيت خاصة المحيطة بوادي قانا.

وقال أن الانتهاكات الاسرائيلية بحق السكان التي ترصدها هيئة مقاومة الجدار هي اقتلاع الاشجار وهدم المنشآت الزراعية ومنعهم من فلاحة اراضيهم.