كتاب سبر

شتان بين تركيا وإيران!

في عالم السياسة تحالف دولتين سياسيًّا وعسكريًّا لايعني بالضرورة الاتفاق على كل التفاصيل وكل الملفات، إنما يأتي في سياق تحقيق المصالح المتبادلة بين الدولتين، وهذا هو حالنا ووضعنا في علاقاتنا مع تركيا التي نحتاجها لمواجهة المشروع الفارسي الصفوي في المنطقة والذي تمدد بشكلٍ متوحش ومخيف، فضلاً عن أن تركيا ترتبط بمصالح اقتصادية كبرى مع السعودية وبحاجة ماسة للنفط السعودي وجذب الاستثمارات السعودية في المفاصل الاقتصادية التركية وبشكل أكبر من الواقع الحالي والذي يشهد استثمارات سعودية لابأس بها في الاقتصاد التركي، ولكن أنقره تحرص على الدفع باتجاه جذب مزيد من الاستثمارات السعودية، لاسيما وأنها حاليًا تعاني من ركودٍ اقتصادي واضح وغير مسبوق، كذلك يمكننا الاستفادة من تركيا صناعيًّا وقد شهدت قفزة صناعية غير مسبوقة واصبحت تنافس دول أوروبا وشرق آسيا جودةً وقيمةً باعتبارها تسعى لملامسة المرتبة العاشرة بين الدول الصناعية الكبرى، كذلك يمكن الاستفادة من التجربة التركية في مسألة التخطيط الاستراتيجي لبرامج التنمية والتي استطاعت مضاعفة إنتاجها الذي ساعد على زيادة دخل الفرد إلى أكثر من عشرة آلاف دولار سنويًّا كما زاد الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة في البنك المركزي إلى ١١٤مليار دولار، ولهذا هناك قِيَم مضافة تتوج العلاقات السعودية التركية وتساعد بشكل قوي وفاعل على دفع عجلة التنمية في البلدين للأمام.

وإذا تحدثنا عن علاقتنا مع إيران فإيران ومنذ وصول خميني ودِوَل الخليج مستهدفة من قِبَلِهم لاسيما السعودية، وتاريخها مليء بالمآسي والخراب والتدمير وهدفها المعلن دائمًا وعبر وسائلهم الإعلامية وبشكل واضح وجلي وضع يدها على الأماكن المقدسة في مكة والمدينة وجعلها خاضعة للهيمنة الصفوية العرقية العنصرية، والسيطرة على ثروات الخليج النفطية وإشعال الفتن ونشر ثقافة الاٍرهاب والقتل والدمار، وكما تفعل في العراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا ومصر، فضلاً عن تمويل المنظمات الإرهابية السنية ومنها القاعدة وداعش، أضف إلى ذلك تنصيب نفسها راعيةً للشيعة في العالم وتحريضهم المستمر على دِوَلهم وهذا يشكل في النهاية تهديدًا وجوديا لدول المنطقة ودوَل العالم كذلك .

يبقى أن أقول أيها السادة، إن الأصل في صراعنا مع إيران أن يكون هناك مدخلاً للإحلال السلام باعتباره الهدف النهائي لكل صراع، لكن عملية السلام لاتكون منصفة للتاريخ والجغرافية إلا عندما تُبنى على تكريس الحقوق المشروعة للدول والشعوب، فالسلام لايقوم على أساس التسليم بالظلم أيًّا كانت طبيعتة؛ وإنما هو مناهض له في إطار تصحيحٍ لمساره التاريخي والكياني، ودول الخليج تعرضت في تاريخها المعاصر لأبشع عملية ظلم تضافرت عدة عوامل تاريخية وسياسية واستراتيجية لتكريسه كما تؤكد وقائع اغتصاب أراضينا العربية الخليجية الإماراتية المتمثّلة في جزرنا طنب الكبرى والصغرى وابوموسى وإقليم الأحواز العربي تلك الأراضي التي تم احتلالها من قِبَل إيران بالقوة وبفرض الأمر الواقع، ولهذا نُصِرُّ على القول “شتان مابين تركيا وإيران”.

بقلم/ سامي العثمان