أقلامهم

“كلٌ مين على دينه الله يعينه”

في زمن اللاعنصرية، وفي بلاد كان الطالب فيها بعيداً عن الطائفية، كان إن أتت حصة الدين في المدرسة، افترق الطلاب لفصلين: فصل التربية الإسلامية، وفصل التربية المسيحية. هكذا بكل بساطة. كل صاحب دين يتعلم دينه كما يجب، و«كل من على دينه الله يعينه».
في زمننا هذا يفرض على الطلاب منهاج واحد بديانة واحدة ومذهب واحد، حتى إن لم يكن الطالب يتبع له. فالطالب الشيعي مجبر على تعلم المذهب السني. أما الطالب المسيحي، فان استطاع فرضاً الخروج من حصة التربية الإسلامية، يبقى الدين الإسلامي مفروضاً عليه إن لم يكن في دروس الدين ففي دروس العربي الممتلئة بالآيات والأحاديث التي بعضها يفرض عليه حفظها وتفسيرها.
يفتخر المسلمون بافتتاح مدارسهم ومراكزهم الإسلامية في كل بقاع الأرض، وعندما يأتي الدور عليهم ليقدموا مثالا للتعايش وقبول الآخر في بلادهم يفشلون وبجدارة.
القس عمانويل غريب رئيس مجلس الكنيسة الإنجيلية الوطنية تقدم بطلب ترخيص مدرسة خاصة لأبناء الجالية المسيحية في الكويت لتضم 350 طالبا للمراحل التعليمية من الروضة إلى الصف السادس، مؤكداً أن موقع المدرسة سيكون داخل مجمع الكنيسة، وأن المدرسة لن تقبل أي طالب من غير أبناء الجالية المسيحية. ورغم كل ذلك رفض طلبه.
هنا في بلد الإنسانية وفي دولة مدنية ينص دستورها وفي المادة 35 منه على أن «حرية الاعتقاد مطلقة، وتحمي الدولة حرية القيام بشعائر الأديان طبقاً للعادات المرعية»، يحرم مواطن كويتي من حقه في إنشاء مدرسة خاصة لأبناء دينه، فقط لأنه مسيحي.
في الكويت هناك عشرات المدارس الأجنبية: أميركية، بريطانية، كندية، باكستانية، هندية وإيرانية. وهناك أيضاً العشرات من المدارس والمعاهد والمراكز الإسلامية، ولا أحد يجرؤ على الاعتراض على وجودها، فلماذا يتم منع «مواطن» كويتي من حقه في تعليم وتعلم ديانته؟ أليست حرية الاعتقاد مكفولة دستوريا؟
التمييز بين المواطنين على أساس الدين أو المذهب مرفوض كليا، وهو مخالف للدستور، وكما للمسلم الحق في فتح مراكز ومدارس إسلامية، كذلك للمسيحي الحق نفسه، طالما أنه مواطن كويتي.
***
على الضفة الأخرى من الهّم التعليمي، وفي واحدة من مدارس الكويت الأجنبية، قامت مدرّسة عربية باقتباس درس «الحدود في الإسلام» من المنهج الرسمي للصف التاسع، كما تدعي «لعدم وجود منهج رسمي بالإنكليزية»، ثم قامت بترجمته للطلاب غير المتحدثين بالعربية، وأضافت صوراً توضيحية عن السوط والجلد من الإنترنت لتضفي جواً «رائقاً» للدرس. القصة ليست في أن دروساً كهذه ليست مناسبة لطلاب في هذه السن، ولا أن الدين ممتلئ بالإيجابيات التي يمكننا أن نعلمها لأولادنا، ولا أن درساً عن الجلد والرجم لا أجد له مناسبة في دولة امتنعت عن هذه العقوبة منذ زمن.. المصيبة أن المدّرسة لم تكتف بالاقتباس والترجمة، بل أحضرت حبالاً للصف، وأجرت درساً عملياً للطلاب في كيفية الجلد «الصحيح» بعضهم على بعض.
وهكذا نربي جيلاً داعشياً بامتياز.
* (احتفظ باسم المدرسة والمدرّسة لمن يهمه الأمر).