آراؤهم

تمضي الحياة .. ولكن

قلمي قلم مراسه  صعب ومزاجه متقلب لا يكتب إلا إذا استفز ، ولا يهدأ إلا إذا أثر، ولا يرتاح إلا إذا باح  بكل شيء مباح ، وكل فكرة فيها مغزى وعبرة.

فذات يوم استفزت قلمي جملة بسيطة جدا ، سمعتها من إحدى الصديقات أثناء حوار مطول تلفه الدهشة والتعجب منسرعة الأيام وتقارب الأزمان،  فصغيرنا في الأمس شب وأصبح شاب، وشاب الأمس قد شاخ وشاب ، وبينما نحن فيغمرة الدهشة والتعجب إذ بصديقة تقاطع ذلك الحديث قائلة “وتمضي الحياة” منهية بتلك الجملة حوار  هيج المواجع وأجج المشاعر.

استفزتني تلك الجملة واستوقفتني كثيرا، ولم أعرف حقيقة لماذا استفزتني ، هل لأنها آلمتني أم لأنها أرعبتني أم لأنها ذكرتني  بيوم سوف تنتهي به قصة حياتي وتقف عنده رحلة العمر .

الغريب بهذه الجملة هي البساطة والتلقائية التي كانت تخفي وتبطن وراءها حقيقة مرعبة ونهاية جازمة لكل من فيالحياة وعليها.

فالحياة سوف تمضي وسوف يمضي معها كل شيء، أيامنا الحلوة ، أوقاتنا المرة ، أعمارنا، أعمالنا ، مواقفنا.

فهل يا ترى نسمح للعمر بالمضي هدرا ، ونجعل الدهر يسرق لحظاتنا بكل يسر وتسامح، ونسلم أعمارنا لعجلة الزمن طوعا وطواعية، بدون أي إنجاز أو تعمير للأرض وترك للأثر.

وأخذت الأفكار تتلاطم في ذهني، وأخذت أسترجع شريط حياتي ، وكأنني أبحث عن بعض العبر في قصتي وأستخلص غاياتي من رحلة العمر الطويلة.

فماذا فعلت وماذا أنجزت ؟ وكم أعطيت وكم أخذت؟

هل ياترى كانت لي مساهمات في تعمير الأرض ، وهل كانت لي مشاركات إنسانية  في تلك الأيادي الحانية التي لطالما خففت عن أهل البلاء بلاءهم، والبلسم الشافي الذي خفف عن أصحاب الوجع أوجاعهم ، أم كانت حياتي مجرد تلبية احتياجات مادية ورغبات، وسطحية و أنانية .

وماذا عن عملي وعلمي وعلاقاتي الاجتماعية  فهل كانت لأهداف دنيوية أم أخروية؟

وهل يعاب على الإنسان أن يتعلق بغايات دنيوية ، أم يجب التركيز فقط على الأهداف الأخروية؟

أفكار متلاطمة وأحاسيس مربكة ومشاعر مؤرقة في تصور لرحلة عمر سريعة .

فاستذكرت دعاء سيدنا ابراهيم عليه السلام ” رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين واجعل لي لسان صدق في الآخرين، واجعلني من ورثة جنة النعيم”

فوجدت أنها تجمع بين الغايات الدنيوية والأخروية، فهدأت نفسي ، وأنارت بصيرتي، واستعدت عزمي وعزيمتي، وعلت همتي.

سائلة الله لي ولكم خير الحياة وخير الممات وخير العمل،  وترك الأثر الطيب.