آراؤهم

“نُقطة عزيز”

قبل أيام ، قرأت مقالات لأكادميين و حقوقيين عن النائب السابق مسلم البراك المعارض لسياسات الحكومة السلطوية ، تتضمن هذه المقالات بالدخول في نواياه و تناقضاته خلال مدّته النيابية في المجلس تارةً أو عن اشكالية بكيفية تأييد بعض الليبراليين أن يكونوا متضامنين في صفّه وهو الذي صوّت ضد حقوق المرأة السياسّية و مع قانون اعدام المسيء و غيرها من القوانين ، فبعضهم يتسائلون متعجبين هل أنت مع مسلم البرّاك ؟!
و هنا النّقطة التي يجب أن توضّح للبعض لفهم دهاليز عالم السياسة.

بما إني مهتم بالشأن السياسي الفرنسي سأعطيكم مثالاً عن من هم أعرق منّا تجربةً و خوضاً في الديمقراطية و عالم السياسة ستوضّح هذه الإشكالية بشكل آخر ؛ في عام ٢٠١٥ قدّم رئيس فرنسا “فرانسوا هولاند” مبادرة لتعديل مواد الدستور المتعلقة بسحب الجناسي لمن أتهّموا بجرائم الإرهاب ، رحّب بهذه المبادرة حكومة رئيس فرنسا المتمثلة برئيس وزرائها “فالس” ولكن .. اعترض وزير الإقتصاد “ماكرون” آنذاك على هذه المبادرة و صوّت ب”لا” ، نشبت حرب كلامية و سياسية بين رئيس الوزراء و وزير اقتصاده “ماكرون” ، ونلاحظ هنا اختلاف المبادىء و التعارض التشريعي بين “فالس” و “ماكرون”.
قدّم ” ماكرون وزير الإقتصاد” استقالته من “حكومة فالس” و اعلن تأسيس حزب “إلى الأمام!” و ترشح للإنتخابات الرئاسية وفاز بالجولة الأولى ، وفي اليوم التالي أعلن “فرانسوا هولند” رئيس فرنسا و رئيس وزرائه “فالس” بتقديم الدّعم ل”ماكرون” رغم الماضي المليء بالإختلافات بينهم ، فدعمه ل”فالس” ليس حباً لشخصه و إنمّا لإيقاف مرشحة اليمين المتطرف “مارين لوبان” في السباق الرئاسي.

و في هذا المثال نتعلم أن بوسط الإختلافات اشتركوا معاً و اتفقوا في ( قضية معينة ) وهو ايقاف حزب اليمين حرصاً على الجمهورية الفرنسية.

و أخيراً ، نعم نكون مع مسلّم البراك ليس لشخصه الكريم أو تقديساً له بل لإشتراكنا في قضايا معينة معه و مفصليّة في الحياة السياسية الكويتية تمس بكرامة أبناء الوطن تتمثل بمطالباتنا المشتركة مثل العفو الشامل لسجناء الرأي و تطوير العمل السياسي و إعادة الجناسي المسحوبة جوراً بمزاجية السّلطة، و هو الذي مد يد العون للجميع لتحقيق المطالبات الشعبية و اعترف بتقصيره في بعض الأولويات التشريعية التي تخدم المجتمع.

لنتعلم كيفية الإتحاد رغم الإختلاف ، فالسياسة لا تخلو من الإختلافات الفكرية و الآراء التشريعية ، هذه هي النقطة ، هذه هي السياسة.