كتاب سبر

كان سعود العصفور في تلك الأيام..(١)

بسبب ثقيل الدم الذي اخترع فكرة “شهادة فلان في فلان مجروحة”، لن أتحدث عن نبل سعود العصفور ولا عن طباعه وشهامته، باعتبار أن شهادتي فيه ليست مجروحة فقط، بل تنزف دماً. لذا سأتحدث هنا عن وقائع وأحداث ثابتة قد لا يعرفها البعض عنه.

في عام 1993، أو شقيقه الأصغر عام 1994، تلقى شاب كويتي يدرس في الولايات المتحدة الأميركية، اسمه سعود العصفور، مظروفاً من شركة أرامكو السعودية، يحوي رسالة شكر على ما جاء في موقعه على الانترنت من تفصيلات هامة عن الشرق الأوسط.

كان هذا الشاب، في غربته حيث كان يدرس الهندسة، قد أسس موقعاً عربياً على الانترنت، هو الأول من نوعه، في وقت كان فيه الشرق الأوسط يعتبر الانترنت من طلاسم “شمهروش”، ملك ملوك الجان، حيث لا وجود للانترنت إلا في دولتين منه فقط، الكويت وإسرائيل. وسبب وجود الانترنت في الكويت هو وجود الجيش الأميركي وشركة AT&T التي شاركت في إعادة إعمار الكويت بعد تحريرها.

كان الموقع عبارة عن دليل لكل صفحات الانترنت العربية، ويتضمن أيضاً صفحات مختصة عن تعريف الإسلام (ترجمها سعود إلى اللغة الإنجليزية) وصفحة عن الشعر العربي، وصفحة عن الكويت بشكل عام، والرياضة الكويتية بشكل خاص.

وكان هذا الموقع يخلو من صفحات تعريفية عن دول مثل سلطنة عمان وقطر والإمارات العربية المتحدة وغيرها، الأمر الذي جعل الطلبة الخليجيون من تلك الدول يتساءلون عن سبب ذلك، فأبلغهم سعود أن دولهم تخلو من مثل هذه المواقع، ثم أرشدهم إلى الطريقة التي تمكنهم من إنشاء صفحاتهم الشخصية على الانترنت، وشرع يضيفهم إلى موقعه الشامل، واحداً بعد الآخر. لذا كان الفضل في التواجد الأول لهذه الدول على الانترنت يعود إلى سعود العصفور.

بعد ذلك، أنشأ السفير الألماني في سلطنة عمان موقعاً تعريفياً عن السلطنة، أسماه “مركز الدراسات العمانية في برلين”، وكتب فيه “الروابط التي استعنت بها هنا يعود الفضل فيها لصاحبها سعود الهاجري، الذي يمتلك أول موقع عربي جاد”.

عاد ذلك الشاب إلى الكويت وشهادته في يده، ومضت الأيام… وكعاشق للانترنت صار يتعمق في دهاليز هذه الشبكة العنكبوتية العالمية، إلى أن انضم إلى أشهر شبكة عربية على الانترنت، هي شبكة “الساحات”، التي تضم أعضاء كثر من جميع الدول العربية. وكان النقاش بين الأعضاء محتدماً في الغالب، وكلٌ يدافع عن بلده، وكان سعود وصديقه “بدر الكويت” هما أبرز الكويتيين في هذا الموقع الشهير.

للمقالة بقية يوم غدٍ إن شاء الله…