كتاب سبر

الثورة السورية.. والثور الأسود

في ثورة سوريا، تعاطفت الشعوب العربية والعالمية مع معاناة ومأساة المستضعفين حتى أن تعاطفها كان ضاغطا على حكومات تلك الشعوب لنصرة المستضعفين … وفي ثورة سوريا، قام ثائر مجاهد ينتفض نصرةً لشعبه، وسانده بهذا مجاهد مهاجر جاء إلى سوريا على صرخات الأطفال والمستضعفين.

وبلا مبالغة، كانت الشعوب الإسلامية والعالمية قاطبة تتألم من ألم السوريين … ثم ماذا ؟!… في منتصف طريق الثورة، رحل قادة ومنظرون إلى الخارج بحجة طلب مدد دولي ، أو لعرض معاناة المستضعفين على وسائل الإعلام العالمية لجذب الرأي العام العالمي نحو المأساة السورية حتى يكون الرأي العام ضاغطا على نظام بشار وحلفاؤه من إيران وروسيا وميليشيات لبنان والعراق وأفغانستان.

وفعلا خرجوا ، وساهموا في نشر معاناة المستضعفين في كل مكان، ولكنهم بدّلوا هوية العدو، بعدما كان العدو نظام بشار وإيران وروسيا، أصبح العدو هم الفصائل التي تنتصر للمستضعفين وتحاول جاهدة رفع المأساة عنهم !

وأما الفصائل التي وقفت في منتصف طريق الثورة، فجأة تبدّلت الأوليات عندها من المضي قدما في نصرة الثورة ورفع الظلم عن المستضعفين إلى التفكير فيما بعد الثورة من منصب حكومي أو حتى مشاركة فصائلية أو حزبية في أي حكومة مستقبلية حتى لو كانت المشاركة ضئيلة !… وهنا دبّ الطمع في نفوسهم ، واتجهوا إلى تطبيق مجريات تلك القصة الشهيرة “الأسد .. والثيران الثلاثة” وهي بلا شك مغامرة منهم ، ولكن هذه كانت جُلّ أمانيهم الطامعة والخانعة، حتى ظنوا أن بإمكانهم تغيير مجريات تلك القصة بعد موت الثور الأبيض والأحمر لعل وعسى يرضى الأسد بمشاركة الثور الأسود له في الغابة ولو كان في حيّز ضيق !