عربي وعالمي

إفادة مدير “إف بي آي” المعزول تبقي الأبواب مفتوحة

ي إفادة نادرة أمام الكونغرس الأميركي، اتّهم جيمس كومي مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق الرئيس دونالد ترمب، بالكذب حول أسباب إقالته، وحول تفاصيل محادثاتهما.
وأكد كومي صحة التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية، لكنه شدد على أن الرئيس الأميركي لم يطلب منه وقف التحقيقات التي يجريها «إف بي آي» في علاقات مسؤولي حملة ترمب بروسيا.
وأشار كومي، الذي أدلى بشهادته أمام لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، إلى أنه شعر بالحاجة لتوثيق تفاصيل لقاءاته التسعة مع الرئيس ترمب منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، وهو شيء لم يفعله مع الرؤساء الأميركيين السابقين خوفاً من أن يكذب ترمب حول تفاصيل هذه اللقاءات. واتهم كومي إدارة ترمب بنشر أكاذيب في محاولة لتشويه سمعته، وترويج أكاذيب بحق مكتب التحقيقات الفيدرالي، مؤكداً أنه خلال محادثات كثيرة مع الرئيس أكد له ترمب أنه يقوم بعمل جيد. وندد كومي بالتفسيرات المتغيرة للرئيس الأميركي حول دوافع إقالته من منصبه، متهماً الإدارة بأنها قامت «بالتشهير به»، ودافع عن مصداقية مكتب التحقيقات الفيدرالي الذي تولى إدارته منذ 2013.
وأوضح كومي: «اختارت الإدارة بعد ذلك التشهير بي، والأهم، التشهير بمكتب (إف بي آي) بالقول إن المكتب في حالة من الفوضى، وإن قيادته ضعيفة، وإن العاملين فيه فقدوا الثقة بمديرهم»، مضيفاً: «تلك كانت ببساطة أكاذيب». وسارع البيت الأبيض بالرد على الاتهامات. وقالت ساره هاكابي ساندرز خلال المؤتمر الصحافي اليومي للصحافيين المعتمدين لدى البيت الأبيض: «يمكنني أن أؤكد بثقة أن الرئيس لا يكذب، وبصراحة، أشعر بالإهانة جراء هذا السؤال».
وفي إجابته عن أسئلة أعضاء اللجنة، أكد كومي التدخل الروسي في الانتخابات دون أدنى شك، مشيراً إلى أنه كان هناك جهد روسي كبير لملاحقة أجهزة حكومية وغير حكومية. وفيما نفى تلقي أي طلب من جانب الإدارة الأميركية لوقف التحقيقات حول التدخل الروسي في الانتخابات، أكد كومي أنه اعتبر طلب ترمب بالتخلي عن ملاحقة مستشار الأمن القومي آنذاك، مايكل فلين، نوعاً من التوجيهات الرئاسية. وكان فلين في خضمّ تحقيق فيدرالي جنائي حول محادثاته مع الجانب الروسي، وفق ما أكد كومي.
على صعيد متصل، أكد كومي أنه سرّب مذكراته بشأن المحادثات التسع والاجتماعات التي عقدها مع الرئيس الأميركي. وأوضح أنه طلب من صديق له في كلية كولومبيا للحقوق أن يرسل هذه الملاحظات إلى صحافي، بعد أن أقاله ترمب في التاسع من مايو (أيار). وأضاف أمام لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ: «لم أفعل ذلك بنفسي لعدة أسباب، ولكنني طلبت منه لأنني اعتقدت أن ذلك سيسرع في تعيين محقق خاص»، لإجراء التحقيق في التواطؤ المحتمل بين حملة ترمب وروسيا في انتخابات الرئاسة 2016.
يذكر أن صحيفة «نيويورك تايمز» كانت قد نشرت تقريراً حول الملاحظات التي دوّنها كومي في 16 مايو، وفي اليوم التالي تمت تسمية مدير «إف بي آي» السابق روبرت مولر، محققاً خاصاً في قضية الصلات الروسية.
وفي إجابته عن الأسئلة المتلاحقة من المشرعين حول تقييمه لمحاولات ترمب عرقلة سير العدالة، أوضح كومي أنه لا يريد إعطاء رأي حول ما إذا كان الرئيس الأميركي يسعى لعرقلة التحقيقات في تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية، لافتاً إلى أن المحقق المستقل روبرت مولر سيدرس ذلك. وأضاف في شهادته: «لا أعتقد أنني أنا من أقرر ما إذا كانت المحادثات التي أجريتها مع الرئيس كانت مسعى منه لعرقلة (العدالة). ولكنني اعتبرتها أمراً مزعجا ومقلقاً للغاية، ولكن هذا استنتاج أعتقد أن اللجنة الخاصة ستعمل على تحليله لمعرفة النية وراءه وما إذا كان ذلك يعتبر مخالفة» قانونية.
وبعد ثلاث ساعات من الاستماع إلى الشهادة العلنية لمدير مكتب التحقيقات الفيدرالي المقال، قرر السيناتور ريتشارد بير عقد جلسة مسائية مغلقة للاستماع إلى ردود كومي على الأسئلة التي رفض إجابتها في الجلسة العلنية.
وسعى أعضاء لجنة مجلس الشيوخ الـ15 الذين جلسوا قبالة المدير السابق لـ«إف بي آي» إلى معرفة ما إذا كانت الطلبات الرئاسية المتكررة التي قُدِّمت في لقاءات ثنائية في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض، تشكل تدخلاً سياسياً وعرقلة لسير العدالة، وهي جنحة كبرى أدَّت في السابق إلى شروع الكونغرس في إجراءات إقالة بحق الرئيسين ريتشارد نيكسون وبيل كلينتون.
وكان كومي قد نشر بياناً، مساء أول من أمس (الأربعاء)، قبل شهادته أمام اللجنة أوضح فيه تفاصيل لقاءاته مع الرئيس ترمب. وفضل كومي (56 عاماً) عدم قراءة البيان الخطي الذي نشره، والرد مباشرة على الأسئلة لكسب الوقت. وأوضح كومي في بيانه أنه في 6 يناير، أبلغ الرئيس ترمب بأنه ليس قيد التحقيق، وأوضح أنه في اجتماع خاص بينه وبين ترمب في 30 مارس، ضغط ترمب عليه ليعلن أنه لم يتم التحقيق معه شخصياً من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي. والسبب، كما أشار كومي، هو أن ترمب أراد إزاحة أي شوائب حول رئاسته بعد أن أعلن مكتب التحقيقات الفيدرالي عن تحقيقات حول علاقات بين مسؤولي حملة ترمب ومسؤولين روس.
وروى كومي أن ترمب قال له خلال لقاء على انفراد في البيت الأبيض في 14 فبراير (شباط): «آمل أن تجد طريقة لوقف هذا، لترك فلين وشأنه. إنه رجل صالح». وقد نفى ترمب أن يكون قام بأي طلب من هذا النوع. وروى كومي أيضاً تفاصيل عشاء في البيت الأبيض في 27 يناير، قال فيه ترمب له: «أنا بحاجة للولاء، أنتظر الولاء» في طلب مبهم موجَّه إلى الرجل الذي كان يشرف آنذاك على تحقيق حول تواطؤ محتمل بين أعضاء في فريق حملة دونالد ترمب وروسيا خلال حملة انتخابات 2016 الرئاسية. ورد محامي ترمب على ذلك بالتأكيد أن الرئيس الأميركي لم يطالب جيمس كومي قطّ بـ«الولاء».
وقد شهدت جلسة شهادة كومي اهتماماً واسعاً من الإعلام الأميركي، ومن النشطاء القانونيين، وأعضاء الحزبين الجمهوري والديمقراطي. وقبل بدء الجلسة، انتظر أكثر من 300 شخص لساعات من أجل الحصول على أحد المقاعد الـ88 المخصصة للعموم في هذا المبنى التابع للكابيتول. وقالت موظفة في الكونغرس: «إنها لحظة تاريخية، وأريد أن أكون موجودة». وقام بتغطية الحدث أكثر من 120 صحافياً ونحو خمسين مصوراً.

الوسوم