أقلامهم

الحاكم و”الفزَّاعة”

عزيزي القارئ هذه القصة من وحي الخيال وأي تشابه بينها وبين الواقع، فأنت المسؤول وليس أنا.

كان هناك حاكم في العصور القديمة، وكان يعاني من كثرة الطيور التي تهاجم محاصيله، وتكبده خسائر طائلة، وكان يظن أن هذا يحدث بسبب ظلمه للرعية وأنَّ هذا غضب من الله عز وجل، ولكنَّ أحد مستشاريه أقنعه بأنه عادل وأن الرعية تستحق هذا التعامل، فأشار عليه أن يصنع فزاعة على شكل إنسان لكي تخيف الطيور والحيوانات فيحمي محاصيله، ويثبت له أنَّ الخسائر من الطيور وليست غضبا من الله.

وفعلاً تم صنع أكثر من فزاعة وجعلها من القش وألبسها لباس الإنسان، فخافت الطيور ونمت المحاصيل وزادت، واقتنع الملك الحاكم بأنَّه عادل، فزاد بطشه بالشعب وساءت الأمور السياسية، فأشار عليه مستشاره أن يصنع فزاعة للشعب لكي يشعرهم أنَّ حالهم هذا هو سنام العيش الرغد والعدل التام، فجاء بفزاعة ولكن لم يصنعها من القش، بل جاء بأعدل الناس وأكرمهم، وسلمهم مقاليد التصرف في المال وشؤون البلد مضمراً لهم كل خبث وشر لكي يفشلوا في تحقيق العدل، فحاربهم وشنع بهم وشوه سمعتهم وقاتلهم بكل ما أوتي من قوة، وفعلا نجحت فزاعته في إخافة الناس وإثبات أنه عادل وخير من يدير شؤونهم، ولم يلبث أن يستقر حكمه حتى ثارت ممالك عدة بجانبه، فذهب الحاكم الغبي لكي يعالج مشاكلهم كي لا تنتقل إليه، وأقنعهم أن علاج مشكلاتهم في «الفزاعة»، وفعلا سار نمط إخماد الثورات والمطالبات على طريق الفزاعة.

لكنَّ المشكلة الكبرى أنَّه بعد إخماد الثورات، صدقت الممالك أنَّ «الفزاعة» أو المفترى عليهم بالظلم والسرقة والفساد، هم سبب فساد البلاد، فخافوا من كذبة صنعوها وصدقوها، فسخروا أموالهم وأبناءهم ودولهم لكي يحاربوا وهماً لا وجود له في الحقيقة، وسُئل حكيم عن سبب بقاء هؤلاء مسيطرين على شعوبهم، فقال: ليس ذكاء منهم بل غباء من شعوبهم.

خارج النص:

– في ظل الأزمة الخليجية التي نعيشها، يتجلى دور دولة الكويت كوسيط ديبلوماسي بقيادة حضرة صاحب السمو – حفظه الله ورعاه- وهذا يدل على أنَّ الكويت صمام أمان للمنطقة.

– تبقى الشعوب الخليجية جسداً واحداً لا تفرقه السياسة ولا تزعزعه المواقف السياسية.