جريدة سبر الإلكترونية
آراؤهم

أسطورة الوحدة الخليجية

قبل أكثر من ثلاثة عقود اتفقت ست دول تتحدث بلغة واحدة وتدين بنفس المعتقد ولا يحوي تاريخها صفحات دموية أو حروب بين أي منها على تأسيس شبه إتحاد أُطلِق عليه إسم مجلس التعاون لدول الخليج العربية، هذه الدول ورغم رغم مرور الزمن وتشابه اللغة والدين وترابط شعوبها وجهوزية الرؤى الاقتصادية والأمنية والاجتماعية المشتركة لم تنجز ما يستحق الذكر في طريق تكاملها وليست لديها اليوم أي انجازات (معتبرة) تصب في صالح شعوبها فهي مازالت تتعامل بعملات نقدية ست، وتفصلها مراكز حدودية متخلفة، وفي أدراج مسؤوليها مقترحات السكة الحديدية والجيش الواحد وغيرها من أحلام.

يتساءل المواطن الخليجي عن مكمن الخلل ولماذا يسمع من المسؤولين رغبة في الإنجاز ووعداً بتحقق المشاريع ولكنه لا يرى أثراً له على أرض الواقع.

منذ سقوط الامبراطورية الرومانية والأوروبيون يسعون للاتحاد، تارة ضم القوي منهم الضعيف جبراً، وتارة أخرى اتفقت دول أوروبية على الوحدة طواعية، اليوم يتشكل الاتحاد الاوروبي من ٢٧ دولة بعد انسحاب الإنجليز وربما يزداد عدد أعضاء الاتحاد مستقبلاً حيث أن دولاً مرشحة لدخوله تسعى جاهدة للانضمام لهذه المنظمة العملاقة.

العجيب أن هذه القارة العجوز التي تساهم اليوم في تطوير العالم تكنلوجياً وطبياً وبيئياً وثقافياً تتألف من أعراق متعددة ومذاهب مختلفة و٢٤ لغة رسمية وتاريخ مليء بالحروب الدموية! لكن سر الوحدة وسبب النجاح هناك يلخصه مشهد تسلم الاتحاد لجائزة نوبل للسلام التي مُنحت للاتحاد الأوروبي في 12 أكتوبر 2012 لمساهمته في تعزيز السلام والمصالحة والديمقراطية وحقوق الإنسان في أوروبا.

لن يتوحد الخليجيون اذا استمروا في خداع أنفسهم بأسطورة الاتحاد الخليجي ولن ينجو مجلسهم الهرم إلا بإكسير الحياة الحقيقي المتمثل في تبني روح النموذج الأوروبي الذي منح الأوروبيين وبجدارة جائزة نوبل للسلام، لابد أن يجتمع عرب الخليج على احترام تعدد الآراء وعدم إقصاء المخالفين، يجب عليهم أن يشدوا رحالهم على طريق الديمقراطية التي باستطاعتهم أن يشذبوها بحيث لا تتعارض مع الإسلام، ولا خيار أمامهم في مسألة احترام حقوق الإنسان وترسيخ أخلاقيات العدالة والمساواة وإلغاء الطبقية والتوقف عن دعم الحكومات القمعية وتبديد ثروات الخليجيين عليها.

لقد بات حتمياً على دول مجلس التعاون الخليجي المحتضر أن تؤمن بجوهر تلك المبادىء وليس الاكتفاء باستيراد مساحيق تجميل فاسدة جعلت من وجه بعض الدول مسخاً يكرم الغريب السائح في أرضه ويحبس ابن جلدته في غياهب السجون، وصارت مدنها معالم معمارية تنتصب فوقها ناطحات السحاب الشاهقة فيما تُدفن في دركها الأسفل أفكار المعارضين ومقترحات المراقبين ومطالبات النشطاء وشكاوى .. البشر.

بقلم/ عبدالله الأعمش