كتاب سبر

كردستان العراق والخطوة نحو الاستفتاء للاستقلال

قبل أسبوع اجتمع رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني مع الأحزاب الكردية لتناول موضوع الاستفتاء على استقلال كردستان العراق، و بعدها تم إعلان 25/09/2017 موعدا للاستفتاء حول استقلال الإقليم عن العراق و الذي يعتبر حلما تاريخياً للأكراد في كردستان العراق و في باقي دول العالم ، حيث يأمل الأكراد برؤية دولة كردية تنهي الغبن التاريخي الذي وقع على الأكراد بسبب حرمانهم من الدولة القومية و توزيعهم على دول المنطقة مما تسبب في حرمانهم من الحقوق القومية و تعرضهم للظلم من قبل دول المنطقة.
الأكراد في كردستان العراق يتميزون عن باقي أكراد المنطقة بوجود تجارب حقيقية و مسيرة طويلة للوصول إلى حلم الاستقلال، حيث نجح الأكراد في الوصول إلى اتفاق للحكم الذاتي مع الحكومة العراقية في عام 1970 إلى 1974 حيث اعترفت الحكومة العراقية بالحقوق القومية للأكراد و تقديم ضمانات للمشاركة في الحكومة و استعمال اللغة الكردية في المؤسسات التعليمية ، ورغم أن الاتفاق لم يستمر إلا لأربعة سنوات إلا أنه كان تطورا كبيرا في مسيرة النضال الكردي لتحقيق الحقوق القومية المشروعة.
وبعدها حصل الأكراد على نوع من الحماية الدولية عام 1991 و نجحوا في إجراء انتخابات برلمانية و التوجه نحو تأسيس مقومات الدولة ، ورغم أن هذه الفترة شهدت حربا أهلية بين الحزبين الرئيسيين خلال فترة 1994 الى 1998 إلا أنه شهدت أيضا تطورا في المسيرة الكردية في كردستان العراق و نجح الأكراد في تحقيق مجموعة من الإنجازات التي تساهم في اقترابهم من تحقيق الحلم النهائي.
ويأتي الفترة الأخيرة وهي مابعد 2003 إلى الآن حيث شهد كردستان العراق تطورا عمرانيا كبيرا و بناء المؤسسات و محاولة توحيد القوات المسلحة و جلب الاستثمارات الخارجية و بناء العلاقات مع دول العالم، و الآن بعد كل هذه التطورات تم الاتفاق على يوم معين للاستفتاء الذي قد يكون تمهيدا لبناء أرضية الاستقلال و الخطوة الأولى نحو تحقيق هذا الحلم التاريخي.
ولكن رغم أهمية هذه الخطوة إلا أن هناك العديد من العوائق التي قد تعرقل هذه الخطوة و تؤدي إلى نتائج عكسية إذا لم يتم معالجة حقيقية لهذه النقاط على وجه السرعة قبل موعد الاستفتاء ، ويمكن تلخيص الأسباب بالآتي :.
1-في دعوة رئيس الإقليم لعقد الاجتماع التاريخي لتحديد موعد الاستفتاء لم يشارك حزبان كرديان في الاجتماع وهما حزب التغيير و الجماعة الإسلامية و التي يمتلكان ثقل جماهيري كبير، وهذا يعني أن البيت الداخلي الكردي ليس موحدا نحو هذه الخطوة المهمة، و ضعف البيت الكردي يؤثر على التعامل الخارجي مع هذه الخطوة المهمة، ولا يمكن إهمال هذه النقطة و المشاركة في هذه العملية بدون هذه الأحزاب، لأن الاستقلال من أهداف جميع الأحزاب الكردية وليس ملكا لحزب معين ، و إذا تحول موضوع الاستقلال لموضوع حزبي أو فئوي فإنه يفقد قيمته الحقيقية و يفقد أيضا الجمهور الكبير الذي يتطلع لتحقيق هذا الحلم.
2-الدولة المستقلة بحاجة إلى قوة عسكرية واحدة تستطيع حماية الحدود الخارجية و تكون تحت أوامر قيادة واحدة وهذا ما نفتقده في إقليم كردستان العراق، فالقوات المسلحة إلى الآن لم يتم توحيدها بشكل حقيقي، رغم المحاولات الجدية بخصوص هذا الأمر ، إلا أنه لم تنجح هذه المحاولات بسبب ارتباط ولاء هذه القوات بالأحزاب و استمرار الخلافات الحزبية وهذا يعني استمرار وجود الخلافات بين هذه القوات و هذا ما يهدد الإقليم الكردي و يكون عائقا أمام أي مشروع للتوجه نحو الدولة المستقلة.
3-الدولة المستقلة بحاجة إلى سلطة تشريعية فاعلة تستطيع تشريع القرارات و مراقبة الحكومة و صياغة القوانين ، ولكن من المؤسف أن البرلمان في إقليم كردستان معطل منذ 2015 و حتى هذه اللحظة ، رغم أهمية البرلمان للإقليم إلا أن الأمور تمشي دون تفعيل البرلمان وهذا يعني أننا أمام عائق آخر يهدد مشروع المضي نحو الدولة المستقلة و يحتاج إلى حل ضروري و عاجل حتى يتم توحيد الجمهور الكردي ليكون له مطلب مشترك دون أن يساهم هذه الخطوة في تمزيق المجتمع الكردي أكثر و إحداث شرخ أكبر بين الأكراد .
ومن يتابع الشارع الكردي يدرك أن الاستفتاء قد لا يحصل على الاهتمام الجماهيري الكبير بسبب الأزمات و المشاكل الكثيرة التي يعاني منها المواطن من أزمة الرواتب و السكن و الخدمات و الكهرباء و الماء الذي باتت تشغله أكثر من موضوع الاستقلال و الانفصال عن العراق، ومن الضروري على القيادة الكردية حل هذه المشاكل الرئيسية سريعا حتى يكون هناك إقبال كبير للاستفتاء، فالشارع الكردي يرى أن التجربة الكردية لم تنجح في توفير حياة كريمة للمواطن و بالتالي انخفض الأمل عند الكثيرين بالوصول إلى الدولة المستقلة و أصبحوا ينظرون إلى الخدمات أكثر من اهتمامهم بموضوع الاستقلال.

shahoqaradaxi@gmail.com