آراؤهم

ماذا يحدث في مطبخ المجلس؟

بلغت أعداد جميع اللجان النيابية التي شكلت في دور الانعقاد الحالي 26 لجنة، منها 12 لجنة دائمة و14 لجنة أخرى بين مؤقتة ولجنة تحقيق، وهي أعلى النسب في تاريخ الحياة النيابية الكويتية، الأمر الذي يعكس الفهم الخاطئ لمفهوم حق تشكيل اللجان كما ورد في الدستور واللائحة الداخلية، حيث اقتصر تشكيل اللجان على الأمور الضرورية وفقا للمادة 44 من اللائحة الداخلية.

القارئ لتقرير الأمانة العامة لمجلس الأمة عن أداء وعمل اللجان للثلاثة شهور السابقة والذي رفعه للمجلس قبيل جلسته الختامية، يتأكد بأن الأغلبية من اللجان المؤقتة إن لم يكن جميعها، لم يتم الإستفادة منها، على العكس تماما أعاقت العمل النيابي وجعلت اللجان تتضارب في اختصاصاتها، وأربكت الأمانة العامة التي لم تستطع مجابهة هذا الكم الهائل من اللجان.

وعلى الرغم من أهمية التقرير، لكنه لم ينل حقه من المناقشة، وتم إدراجه على بند الرسائل كونه تقريرا مرفوعا من الأمانة العامة. وكان على المجلس تكليف لجنة الأولويات بمناقشة التقرير ورفع تقرير آخر مفصل مدعوما بتوصيات اللجنة، لكي يتاح للنواب والشارع معرفة التفاصيل ومكامن الخلل ويسعى المجلس إلى العمل بها في الأدوار المقبلة.
التقرير أُدرج على جدول أعمال الجلسة الماضية على بند الرسائل الواردة، وعلى الرغم من أهميته، لم يتطرق أي من النواب إليه عدا النائب عبد الله الرومي، الذي قال: “اللجان المؤقتة ضيعت عمل اللجان الدائمة، فبعضها لم تجتمع أوعقدت إجتماعاً واحداً، ويجب أن نتوقف عنها، وتشكيلها يكون في أضيق الحدود”.
ولا بد من القول، أن اللجان المؤقتة خرجت عند دورها النيابي وأصبحت للوجاهة الاجتماعية، ووسيلة لبعض النواب لتنفيذ أجندتهم، والضغط سياسيا على الوزراء المختصين، وهناك لجان أصبحت صراعا بين أيدلوجيات نيابية وتحولت اجتماعاتها لممارسة العناد السياسي.
التقرير يؤكد أن هناك لجاناً لم تجتمع في الثلاثة أشهر الماضية ولجان أخرى اجتمعت لمرة واحدة على الرغم من الصخب الذي صاحب تشكيلها، وهذا ما يؤكد على ضرورة معالجة غياب النصاب الذي أصبح بمثابة ظاهرة.. خاصة بعد أن خالفت هذه اللجان وغيرها المادة 46 من اللائحة الداخلية التي نصت على “وتجتمع اللجان كل شهر مرتين على الأقل”.
الأمر لم يتوقف عند اللجان المؤقتة ولجان التحقيق، فهناك لجان دائمة هجر أعضاؤها اجتماعاتها، فعلى سبيل المثال وعلى الرغم من الأجندة المتخمة للجنة التعليمية والصحية، والشؤون الخارجية، والرد على الخطاب الأميري لكنهم في أحد الشهور لم يعقدوا سوى اجتماع واحد فقط، ولم يستثن من هذا سوى لجان التشريعية والمالية والميزانيات بحفاظهم على إستدامة الاجتماعات، على الرغم من وجود ملاحظات كثيرة على أدائها ومواقفها.
هذا الخلل يفتح الباب أمام أمرين، الأول ضرورة عدم ترشح النائب لأي لجنة إلا بعد التأكد تماما أنه سيضيف إليها، ويحضر اجتماعاتها. وعلى نواب المجلس أن يكونوا أمناء في اختيار أعضاء اللجان.
والأمر الثاني ضرورة أن تشكل اللجان المؤقتة اذا استدعت الضرورة، وأن يسند عملها إلى اللجان الدائمة فهي قادرة على احتواء أعمال اللجان على أن تكثف اجتماعاتها وتحرص على عدم فقدان النصاب.
وبناء على تقرير الأمانة العامة، فعلى المجلس أن يُظهر حقيقة الأرقام التي وردت في التقرير، فالشارع من حقه أن يُدرك حقيقة ما يحدث في مطبخ المجلس وفي أروقة بيت الأمة، والذي هو السبب الرئيسي في عدم انجاز اللجان ما هو مكلف بها في الفترة الماضية.