أقلامهم

مستقبل الإسلام السياسي في محيط مضطرب

في مؤتمر “مستقبل الإسلام السياسي في محيط مضطرب” الذي أقيم في عمّان بتنظيم مؤسسة فريدريش أيبرت الألمانية يوم الأربعاء الموافق 24 مايو الماضي، شارك عدد كبير من الأكاديميين والباحثين المختصين في الحركات السياسية الإسلامية، وتناولوا في هذا المؤتمر واقع هذه الحركات، خصوصا بعد الحراك الثوري العربي، وما تمخض عنه من صعود وتراجع إسلامي لاسيما في مصر، وتونس، والمغرب. ويمكن اعتبار هذه المشاركة بمثابة تحليل لتجربة الإسلام السياسي بعد حقبة ثورات الربيع وما شهدته من تطورات وتغييرات وتحولات سياسية وفكرية.

وشاركت بورقة في هذا المؤتمر حول “أوجه صراع الإسلام السياسي بدولة الكويت”، وتطرقت فيها إلى محورين:

الأول: مداخل الصراع السياسي، التي تتدخل بشكل مباشر في إدارة هذا الصراع، وهي طبيعة النظام الوراثي وعلاقته بالتيارت السياسية في الكويت، والثقافة الاجتماعية كأداة لاحتواء هذه الصراعات، وخريطة الإسلام السياسي (التيارت السنية بتنوعها، والتيارات الشيعية بتفرعاتها).

والثاني: أنواع صراع الإسلام السياسي، فهناك صراع داخلي بين “مكونات الإسلام السياسي السني”: كالصراع بين الحركة الدستورية الإسلامية، والتيار السلفي الذي تشظى وانقسم إلى عدة حركات بينها ما صنع الحداد، والصراع بين “تيارات الشيعة السياسية”، والذي لم يصل إلى حدة خلاف الإسلام السياسي السني التاريخي والذي يمكن فهمه منذ ثمانينيات القرن الماضي بعد تأسيس “جمعية إحياء التراث” في 1981 حتى وقتنا الراهن، والثابت هنا هو الصراع مع تغير مواضيعه وتحالفاته السياسية. والصراع الداخلي الأبرز هو “ما بين الإسلام السياسي السني والشيعي” الذي تحدده الخلافات المذهبية في المقام الأول والتي تغذي في الوقت نفسه ما هو سياسي.

أما فيما يتعلق بالصراع الخارجي، فهو صراع متعدد المستويات، أولها: الصراع مع التيار الليبرالي، وثانيها: الصراع السياسي مع القبيلة، وخصوصاً في التمثيل النيابي والتشكيل الوزاري، وفي هذا المستوى تشكل القبيلة عامل ضغط على مواقف ودور مخرجاتها من أعضاء البرلمان، وخصوصا الذين لديهم علاقة ارتباطية وعضوية بأحد التيارات الإسلامية، وأحياناً يرفض المكون القبلي مسألة تبعية أعضائه للتيارات السياسية، وهذا النوع من الخلاف بدأ يتراجع إزاء التطورات الداخلية التي تشهدها القبيلة سواء على الصعيد الفكري أو السياسي. وثالثها: الصراع مع الحكومة وخصوصا أثناء ثورات الربيع العربي، والذي دخلت فيه الحركة الدستورية الإسلامية كطرف مباشر بجانب تيارات سياسية أخرى.

وفي هذا الصراع مراحل عديدة أهمها أن الدور الاحتجاجي والمعارض كان يمارس خارج مؤسسة البرلمان من خلال الحراك السياسي الذي شهدته دولة الكويت بعد مرسوم الضرورة أو الصوت الواحد، وهذا ما جعل الحكومة تدخل في صراع مباشر عبر أدوات عديدة مع الحركة الدستورية الإسلامية في وقت تعرض فيه الإسلام السياسي لموجة مضادة في الدول العربية.

ويمكن القول: إن الصراع مع الإسلام السياسي في دولة الكويت محكوم بعدة عوامل، وله طبيعته الخاصة، فهو صراع على القوة والنفوذ والمصالح لا صراع على الوجود أو البقاء، بالرغم من بعض المطالبات المحلية والإقليمية التي ترى ضرورة تحجيم دوره والحد من تأثيره السياسي، فهل يشكل الواقع الإقليمي الراهن مرحلة ضاغطة على تيارت الإسلام السياسي السني في الكويت؟ وهل سيؤدي ذلك إلى تغييرات حركية جذرية أمام هذه المرحلة وتراكماتها التاريخية؟