آراؤهم

ثقوب في الديمقراطية الكويتية (٢)

ما إن تعلن نتائج الانتخابات البرلمانية حتى تنشغل الأوساط المحلية بالتشكيل الحكومي وهو أحد المآخذ السلبية على العملية السياسية إذ لا يمنح رئيس الوزراء المكلف إلا فترة أقل من 14 يوما لإعلان قائمة وزرائه حيث يرتبط ذلك بالموعد الدستوري المحدد لعقد أول جلسة للبرلمان الجديد وهو ما استدعى دوما تشكيل الحد الأدنى من الرضا ما يتطلب تعديلا لاحقا بخروج وزراء أو تغيير حقائبهم.
المهلة الدستورية القصيرة ليس من سلبياتها فقط تضييق خيارات الرئيس المكلف وإنما تنسحب إلى عدم القدرة على قراءة مخرجات الانتخابات قراءة متمكنة لرسم السياسة العامة للحكومة وبالتالي ترتفع توقعات الصدام السياسي بين السلطتين وبالأخص حين تتبنى الحكومة برامج تقشفية أو ظاهرها في غير صالح المكتسبات الشعبية.
الحكومة في الكويت ليس لها غطاء نيابي يحميها حيث يرتبط هذا الغطاء بالقضايا المطروحة وبالتالي فإن تذبذب النواب بين مؤيد هنا ومعارض هناك لا يسمح لمتخذ القرار بقياس الاتجاهات العامة بشكل متقن ومريح وهو ما لوحظ بجلاء في استجواب وزير الإعلام السابق الشيخ سلمان الحمود على سبيل المثال.
ومن مثالب التشكيل الحكومي المستمر الأخذ دوما بقاعدة ممثل لكل تيار سياسي وهي سياسة أثبتت فشلها ورغم ذلك لم يستغن عنها أبدا ، ومرد الفشل فيها تنافر الشخصيات الوزارية وعدم التزام التيارات السياسية بدعم الحكومة إذ دوما تضع هذه التيارات فاصلا بين عملها البرلماني ووجود ممثل لها في الحكومة مخافة فقدان الدعم أو التأييد الشعبي لمرشحيها من منطلق العرف المتداول أن الحكومة تقف على الضفة الأخرى فيما يقف المواطنون على الضفة المقابلة.
وهنا يحضر التساؤل : لماذا لا يصار إلى حضور الحكومة التي أشرفت على سير الانتخابات الجلسة الأولى للبرلمان وسن عرف ملزم إن لم يكن تشريعا بعدم تصويت أعضائها في أعمال الجلسة الأولى ومن ثم إعلان استقالتها والبدء بمشاورات التكليف عقب هذه الجلسة البروتوكولية؟
ولعل هذا المسار يعطي الرئيس المكلف الوقت الكافي لتشكيل الحكومة والمقترح أيضا أن يلي تسمية الرئيس مباشرة إعلانه عن السياسة العامة لحكومته التي ينوي تشكيلها بما يمكن الأسماء المقترحة أو التي يستمزج رأيها في حمل الحقيبة الوزارية معرفة الاتجاه العام ومدى إمكانية أن يكون مفيدا وجوده في الحكومة من عدمها.

رابط المقال الأول:

ثقوب في الديمقراطية الكويتية (١)