أقلامهم

سلبية وسائل التواصل الاجتماعي

لوسائل التواصل الاجتماعي حسنات كثيرة أهمها ما يرتبط بالوعي وبالتعبير عن الرأي وتكوين رأي عام متجدد ولديه اطلاع ومعلومات صحيحة ومتنوعة، ولعل دور وسائل التواصل في كشف الأخطاء والتدليل عليها أمر لم يعد يضايق إلا الحكومات التي لم تعد تحصل على الظل والظلام الدامس الذي تجيد العمل تحته.
في الجانب الآخر لوسائل التواصل وانتشارها ودخولها في كل جوانب حياتنا سلبيات كثيرة أهمها من وجهة نظري انتهاك خصوصية حياة الأفراد إما بقرارهم في نشر أحداث حياتهم أو بواسطة غيرهم الذي ينشر اللحظات التي يشاركونه بها حتى أصبحت حدود العيب وغير المتاح حدوداً جديدة يطلبون منا تقبلها والعيش ضمنها.
غياب الخصوصية ونشر كل جوانب الحياة أمام الجميع دون معرفتهم ولا معرفة خلفياتهم الأخلاقية جعلنا نتصادم مع شخصيات مشهورة استغلت هذه الحياة الجديدة في نشر خصوصياتها للعامة في استغلال دنيء لغرائز الجماهير لتعويض فشلها في القيام بوظيفتها التي حققت لها الشهرة في البدايات وهي تعلم أن هذا الفعل يضمن زيادة أعداد المتابعين وهو ما يؤثر ايجابيا في الاعلانات وغيره ولذلك يتم غض النظر عن الحدود الاخلاقية المتعارف عليها.
نشر هذه الخصوصيات وإثارة الغرائز بشكل مقرف ومتعمد دون وجود حدود متعارف عليها في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي من شأنه تغيير عادات المجتمع وحدوده الأخلاقية وتكوين مجتمع جديد تختلف لديه حدود العيب والمرفوض.
الغريب هو وجود من يدافع عن من يكسر الحدود التي تربينا ونشأنا عليها ويبرر وجود هذه المشاهد التي لا تمثل البيئة التي نعرفها ونعرف حدود اختلافها وفقاً لتنوع المنتمين فيها أصلاً واسماً وغيره، والغريب أكثر هو احتضان وسائل اعلام رسمية ومؤسسات حكومية وأهلية لهؤلاء وكأنها تقول : هذه النماذج التي نريدها فقط في هجر واضح لباقي النماذج العلمية والأدبية والفنية الراقية التي تقدم نفسها في وسائل التواصل الاجتماعي وتطرح محتواها الراقي والهادف ولكن دون نجومية ولا شهرة.
استغلال وسائل الاعلام التقليدية «تلفزيون، راديو» لنجومية مشاهير التواصل الاجتماعي دون النظر لقيمة ما يقدمون سببه عجز وسائل الإعلام التقليدي عن خلق مشاهير ونجوم يقدمون الرسالة الهادفة، ففي السابق كانت هذه الوسائل التقليدية تتحمل مسؤوليتها الاجتماعية وتخلق النجوم وتختار أنساقهم وأنواعهم باعتبارهم من سيكون المثال المشار له في المجتمع والذي سيتبعه الكثير.
في الختام لا نطلب منع أو تقييد هذه النماذج فالوقوف ضد هذا التوجه لا يتطلب المنع ولا المحاسبة وهو أصلاً غير ممكن في مثل هذا الوقت الذي أصبح فيه النشر والانتشار متاحاً وغير قابل للتحديد، ولذلك الوقوف ضد هذه النماذج وما تقدمه يتطلب صنع نماذج أخرى ويتطلب ايضا مجهوداً أكبر في نشر الوعي ونشر المخزون الأخلاقي الذي قد يكون معاكساً لما يطرح ويجب علينا ايصاله إلى أبنائنا ومحيطنا لتحصينه ولمعرفة الفرق بين الموجود والمتاح والمتوفر والمطلوب، حفظ الله أبناءنا وبناتنا من شر هذا التغير الثقافي والمجتمعي الغريب. تفاءلوا