أقلامهم

للوزير أنس مع التحية

لماذا لا يتقدم وزير المالية أنس الصالح بلقاء صحافي عام يجيب فيه عن تساؤلات كثيرة: مثل أين نحن من الأزمة الاقتصادية اليوم؟ وماذا صنعت الحكومة بعد ثلاث سنوات من لحظة تدهور برميل النفط؟ وما خطط الحكومة للأيام القادمة للحد من استنزاف المالية العامة؟ وهل لدى الحكومة أي تصورات جادة للأزمة تستطيع أن تقنع بها أعضاء مجلس الأمة وقبلهم البشر الذين تهددهم مع أجيالهم حالة الإعسار التي تتفاقم يوماً بعد يوم؟

في هذا اللقاء المطلوب، على الوزير أنس الصالح أن يوضح للناس القلقين من وضع البلد، ومن نهج إدارة السلطة ما إذا كانت «الرتوش» التي شرعتها الحكومة، مثل زيادة رسوم العلاج للوافدين، وزيادة رسوم الكهرباء والماء، التي سيتم تحميلها عملياً على المستأجرين مجدية أم مجرد «رتوش» لا تقدم ولا تؤخر في نهج التردد والتراجع الحكومي، وقبل ذلك، ربما، عليه أن يوقظ الكثير من الغارقين في مستنقع الاستهلاك الريعي، ويخبرهم ماذا ينتظرهم بالغد؟ وماذا بقي من رصيد الدولة المالي ومديونيتها تتراكم بكل لحظة تنقضي من العمر؟ وعليه أن يجيب عما إذا كانت الحكومة عدلت من مسيرتها وحاولت – ولو مجرد محاولة – أن تكون قدوة في النزاهة المالية، أم هي مازالت على طمام المرحوم؟ فهناك كثير من الأحاديث والهمس اليوم بأن قضايا «سيفوه الحكومي على حطة ايدكم»، وأنه مازال يخصص لنفسه الكثير من الأراضي الشاسعة، ليتم توزيعها على المقربين النافذين في مخططات تقسيم أراض جديدة، وكأنه ليس هناك أزمة اقتصاد وأزمة حكم قانون في شراء الولاءات وترضية «المحاسيب».

على الوزير أن يجيب عن سؤال مهم: لماذا اختارت الحكومة الضريبة المضافة، وتمهد لتمريرها بالمجلس بعد مصادقة دول مجلس التعاون عليها، وهي كما كتب عدد من الزملاء مضنية ومرهقة وتصيب متوسطي الدخل والبسطاء، وستلد تضخماً وغلاء أكيدين، وتركت «الهوامير» الذين رضعوا من ثدي الدولة حتى انتفخت بطونهم منذ سنين طويلة، ولا أحد يجرؤ على أن يتكلم عنهم أو يتحدى سلطانهم، بعد أن بسطوا نفوذهم على الإعلام، فهم يتماهون تماماً مع السلطة، وإن أظهروا أنفسهم أحياناً كمعارضين وناقدين لنهج الإدارة؟

مطلوب من الوزير أنس أن يفسر لنا لماذا لم تختر الحكومة مثلاً ضريبة الدخل التصاعدية، وتستثن أصحاب الدخول البسيطة منها، وتحمل بعضاً من عبئها على المؤلفة قلوبهم، عملاً بقاعدة «الغنم بالغرم»؟ فمثلما غنموا وما زالوا يغنمون عليهم أن يغرموا، فهذه الضريبة أقرب لمفهوم العدل، وإذا كانت مثل هذه الضريبة تحتاج جهازاً فنياً متطوراً ومعقداً، فأيضاً مسألة ضريبة القيمة المضافة تحتاج بدورها لمثل هذا الجهاز الإداري، وكما يعرف الوزير أنس وضعنا الإداري، بصفة عامة، يقول العين بصيرة واليد قصيرة، ورحم الله امرأ عرف قدر نفسه.

هناك الكثير من الأسئلة التي نتمنى أن يوضحها الوزير للناس، فالقلق من المجهول القادم يستبد بهم، وهو قلق عند الواعين، وكما نكرر، ليس من الأزمة الاقتصادية بحد ذاتها، وإنما هو قلق من الذين بيدهم الآن إدارة شؤونها، فهم يجلسون بالقرب منك يا معالي الوزير، تحدث معهم أولاً، وأخبرنا في مؤتمر صحافي، بعد ذلك، إن كانوا قد استوعبوا الموضوع أم هم، كما أعرف وتعرف أنت، على «حطة ايدك»؟ واعتذر عن تكرار هذا المثل، لكن ما العمل؟!