كتاب سبر

قاتل الله الكراسي..!

لم أتوقع يوما ما أن أكتب مقالا أنتقد فيه رئيس مجلس الأمة السابق أحمد السعدون حتى وإن كان على شكل تلميح ، لكن لأن الرجل يجلس على تاريخ طويل من العمل السياسي الوطني ، ثم تخللته بعض الإنتكاسات مؤخرا ، بات من الضروري تعريض ذلك التاريخ للمراجعة والإنتقاد له لعل وعسى أن يؤدي الأمر إلى إعادة تصحيح المسار .

إنتقاد الرئيس السعدون ومراجعة مسيرته لايقلل من قيمته الوطنية فهو هامة ضمن هامات قليلة مثل عبدالعزيز الصقر ، جاسم القطامي ، سامي المنيس رحمهم الله أجمعين ود. أحمد الخطيب ، وعبدالله النيباري أطال الله في عمرهما صدقت مع الشعب ولم تساوم على حقوقه ، غير أن ربط مسيرته بكرسي رئيس مجلس الأمة أضعف إلى حد كبير من قدرته على الحفاظ على الصورة كما يجب أن تكون .

يربطني بالرئيس السعدون علاقة إمتدت لأكثر من عشرين عاما ولا أخشى أن أقول أن في تلك العلاقة محطات كثيرة أعادت صياغة المشهد السياسي إن على صعيد الإستشارة أو على صعيد التنفيذ ، كما لا أخشى أن أقول أن لتلك المحطات ضحايا كثر في أوساط السلطة التنفيذية تحديدا حفاظا على الدستور وعلى المال العام ، ولم تكن من أجل مكاسب شخصية ، ومعارك السياسة لم تكن يوما معارك “دنكيشوتيه ” بل معارك حقيقية فيها منتصرين ومهزومين .
لايمكن لأحد أن يجادل أن السياسة أوراق يستخدمها السياسي لمقاربة الهدف ، ولا أحد يجادل أيضا أنه كلما أجاد في لعب أوراقه وأعترف أن السعدون كان كذلك ، كلما حقق جزء أو كل أهدافه ، هذا إذا كان هدف المناورة السياسية الحفاظ على المكاسب الدستورية والشعبية ، لكن أن تطغى الأهداف الشخصية البحتة على ماعداها تلك كارثة .
الرئيس السعدون راهن في سنواته الأخيرة على جناح في الأٍسرة الحاكمة سبق له أن أنتقد بعض مكوناته ، بل وصفها بأنها جزء من ثلاثي فساد ، ومن غير المنطقي أن يفعل هذا إذا كانت الأهداف التي يسعى لها كما أسلفنا تتعلق بالحفاظ على المكتسبات الدستورية والشعبية لأن الرهان على تلك المكونات يعني تسليمها كل تلك المقدرات تعبث بها كما تشاء ، وسيكون لمثل تلك الخطوة تأثير سلبي على مسيرة السعدون الوطنية .
أهم مايمكن أن يفعله الرئيس السعدون في هذه المرحلة أن يتوقف عن المشاركة في ندوات تنظمها شخوص تقر بتبعيتها لمكونات وصفها يوما ما بثلاثي الفساد ، لإن إستمراره في حضور مثل تلك الندوات سيعطي مؤشرا على أن المراهنة لازالت قائمة على تلك المكونات ، وهو أمر لايليق به حتى وإن كانت مثل تلك الخطوة تقربه من كرسي رئيس مجلس الأمة ، فالشعب يريد الحفاظ على مكتسباته ولايعبأ بالكرسي كثيرا .
الأمر الآخر من الأجدى مصارحة الجماهير بكل ماجرى خلال فترة مايسمى الحراك ، وبالتحديد الأسباب التي أدت إلى تشرذم كتلة العمل الشعبي ( البرلمانية ) بمكوناتها التاريخية ، وطبيعة العلاقة التي جمعت الكتلة بتنظيم الإخوان المسلمين فرع الكويت فيما بعد ، بالإضافة إلى طبيعة العلاقة بين الكتلة والإمتدادات الإقليمية التي ظهرت مؤشرات على دعمها لتنظيم الإخوان المسلمين في الكويت ( الحركة الدستورية الإسلامية ) بهدف خلق حالة من عدم الإستقرار في البلاد ، فالمصارحة حق تاريخي للجماهير لاينازعها أحد في الحصول عليه .