أقلامهم

دغدغة المشاعر.. وتردي الوضع العام

من حق أهل الكويت أن يتساءلوا: لماذا البلد في تراجع مستمر رغم توافر كل الإمكانات المالية والبشرية اللازمة لتقدم البلد ونهضته وتطوره واستقرار تنميته؟ ولن يطول الانتظار حتى يعرف الناس الجواب عن تساؤلهم.
باستقراء أحوال البلد، فإن مشكلاته التي تلح وبصورة مزمنة منذ أكثر من عشرين سنة، لا تزال حاضرة ومؤرقة بحسرة وألم كبيرين، فبالرغم من قفز الميزانية العامة من ٤ مليارات قبل ١٥ عاما إلى٢٠ مليارا بخمسة أضعاف، وتزايد الإنفاق على المشاريع وعلى عدد كبير من الخدمات، لكن التردي في الأوضاع هو نصيب البلد:
– فالفساد زادت مظاهره ورموزه ومجالاته ولَم يتم وقف فاسد أو محاكمته!
– الوضع الاقتصادي العام ومؤشرات التراجع نالت كل القطاعات بلا استثناء، والتضخم والغلاء صارا كابوسا للناس.
– الإسكان إشكالية متفاقمة ومبشرات الحلول التي يسوقها البعض يدحضها واقع مخيف من تزايد تراكم الطلبات وأسعار ما زالت خيالية للعقارات.
– أما الصحة والتعليم والخدمات العامة الأخرى، فهي لا تزال في دوامة التعثر المتتابع، فلا حلول حقيقية ولا مخارج عملية، بل حلول ترقيعية ومسكنات مؤقتة، وهو ما فاقم إشكالياتها.
– والمرور باختناق متزايد بتراخيص قيادة، قسم كبير منها تنفيعي ومعالجات مرتجلة، تؤكد فقدان الحزم والجدية في دهاليز ترد مخيف يحوفه فساد مستشر.
– تراجع في الحريات وتقييد لحرية الرأي ومحاولة إجهاض مؤسسات العمل الشعبي الفعالة، مثل جمعيات النفع العام والمؤسسات الثقافية والفكرية والجمعيات التعاونية والأنشطة المجتمعية.
– تراجع وترد وتفاقم للفساد وتمكن للمفسدين بإدارة حكومية هزيلة ومجلس أمة تبين مؤشرات ودلائل واضحة عن تراجعه في الرقابة والتشريع، فالكم الذي يفرزه المجلس رقابيا وتشريعيا هو كغثاء السيل الذي يعجبك كمه وضخامته وبعد أن يستقر تعرف أنه زبد يذهب هباء بارتجال تشريعي لا يغني ولا يسمن في بناء البلد وتقدمه، ورقابة ضعيفة لم تؤثر في تحسين الأداء الحكومي، مقرونة بتذمر وتحلطم متزايد بين بعض أعضاء مجلس الأمة وكأنهم انتخبوا كي يتحلطموا نيابة عن الناس، بدلا من أن يفعلوا أدواتهم ويمارسوا اختصاصهم وتكون لهم مشاريع وبرامج، فحالهم من الضعف والفساد أن تسمعهم يدورون في حلقة مفرغة من الكلام والتبرير والمباركة الفعلية للأوضاع، فأرحم للعديد منهم أن يرحلوا، ففسادهم وأعمالهم أسوأ وأعجز من أن يستحقوا البقاء بمواقعهم النيابية. فبعضهم جاءوا من رحم نظام انتخابي فاسد، رانت على صفحته كل مظاهر الفساد، وخلف مؤسسة برلمانية وأفرز بعض النواب الذين يحملون النيابة اسما وأغلبهم يمثل على الشعب لا يمثله، وهو نظام عجل تفتيت البلد مناطقيا وطائفيا وفئويا وقبليا، وفت في عضد العمل الوطني بكتله وتجمعاته، وتآكلت في ظله مؤسسات البلد واحدة تلو الأخرى، وسادت أنماط للتحالفات والاصطفافات لحقب ما قبل الدستور ولدولة تسير خلافا لركب الديموقراطية التي استهدفها واضعو الدستور من الآباء المؤسسين، فالنظام الانتخابي أحد أسباب تفاقم مشكلات البلد والتردي للأوضاع العامة، ولعل ذلك يظهر حقيقة ساطعة يدلل عليها استقراؤنا لمسار العمل البرلماني وما لحقه من تراجع ثم ضعف ثم فساد، وبلغ مراحل للتلاشي بلغت في منتهاها أنه والعدم سواء، ولذا فإن وجودها الراهن عبء على البلد، ومن ثم ندرك أهمية إصلاح النظام الانتخابي وتغيير معظم الطبقة السياسية السائدة إذا كنّا شعبا حيّا يريد أن يفعّل إرادته في احداث التغيير للأفضل وإصلاح حال البلد قبل أن نغرق في وحل الفساد وتراكماته، فلا يكون للخروج منه من سبيل، فالكويت تنادي أبناءها المخلصين كي يوقفوا التردي قبل فوات الآوان.

الوسوم