برلمان

مع عودة مجلس الأمة للالتئام..
المنبر الديمقراطي الكويتي: هذه أولوياتنا للإصلاح السياسي والإقتصادي والثقافي

يعود مجلس الأمة للالتئام لدور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي الخامس عشر في ظل تطورات كبيرة على كافة المستويات، الداخلية منها أو الخارجية، هو ما يتطلب أن يكون هناك توافقا وتعاوناً جدياً بين السلطتين (التنفيذية والتشريعية) حول أولويات المرحلة المقبلة ومتطلباتها وفق برنامج حقيقي للإصلاح العام.
وعند النظر بصورة فاحصة حول الأوضاع المحلية، فالكل يجمع على حالة التردي في الخدمات الحكومية وأدائها بمختلف القطاعات، ولم تكن هذه الحالة وليدة اللحظة، بل نتيجة لاستمرار التخبط الحكومي وعدم وجود رؤية واضحة لها ما أوجد تذمر شعبي واسع من أدائها، يضاف إلى ذلك ضعف أداء الرقابة البرلمانية من قبل مجلس الأمة في الوقت الذي استبشر فيه الجميع بوصول عناصر شبابية متنوعة.
وعلى الجانب الاقتصادي، لا يخفى على الجميع تداعيات انخفاض أسعار النفط وتأثيره المباشر على الدخل العام، وفشل السلطة التنفيذية عبر كافة برامجها في إيجاد مصادر متنوعة حقيقية آمنة للدخل، وبدلا من أن تتجه نحو خلق بيئة انتاجية اقتصادية متكاملة، أخذت تجهد المواطن من خلال ما اصطلح على تسميته ب “وثيقة الإصلاح الاقتصادي والمالي”، والاتجاه نحو خصخصة عدد من القطاعات الخدمية دون دراسة واقعية، الأمر الذي يؤكد على وجود خلل اداري عظيم، فشلت السلطة في معالجته، وقررت تبعا لذلك التخلي عن مسؤوليتها.
وعلى الصعيد الإقليمي، يزداد المشهد الخليجي تعقيداً الذي تفجر مؤخرا، وتعنت بعض أطراف الصراع في الجلوس على طاولة المفاوضات والحوار للتهدئة نحو إيجاد الحلول الواقعية للأزمة الراهنة، وخصوصا بعد الإعلان عن تأجيل القمة الخليجية، يضاف إلى ذلك توتر الأوضاع الإقليمية في العراق واليمن وسوريا، وتدخل أطراف إقليمية ودولية في مجمل صراعات المنطقة، مع التأكيد على أهمية الدور الكويتي الذي يقوده سمو الأمير في رأب الصراع والأزمة الخليجية ومختلف القضايا، وهو الدور التاريخي الذي دأبت السياسة الخارجية الكويتية على انتهاجه ما يتطلب دعماً ومساندة فعالة لإنجاز دورها بنجاح.
إن مجمل هذه القضايا، وغيرها، لا يمكن تحميل مسؤولياتها لجهة دون الأخرى، فالسلطتين (التنفيذية والتشريعية) يتحملانها، والمطلوب اليوم أن يكون هناك إدراك ووعي من قبلهما بتأثيرها على الواقع المحلي، والتعامل مع الأولويات المستحقة بحس وفهم وطني عميق ، لا أن يغلف هذا التعامل بالانتهازية أو التكسب السياسي او المصالح الخاصة على حساب استقرار وتطور آمن للوطن .
لقد مرت الكويت في سنواتها الأخيرة بحالة من عدم الاستقرار السياسي نتيجة للعلاقة المتوترة بين السلطة والامة ، التي دخلت في أتون حراك شعبي حمل آمال وتطلعات كبيرة، بسبب محاولات تدخل بعض “أقطاب الحكم ” من خلال سياسة تصفية حسابات معينة، فحدث معها استقطاب حاد على مختلف المستويات، كما عاشت البلاد نتيجة لانعكاسات الأوضاع المحلية المتردية أو الإقليمية في صراع غير محمود تصاعدت معه النبرات المذهبية والعنصرية والقبلية المرفوضة، وازدادت وارتفعت فيها حدة التوتر الاجتماعي.
إن الدور الأكبر اليوم يقع عاتق أعضاء مجلس الأمة، بصفتهم ممثلي الأمة بأن تتحول اهتماتهم الى واقع عملي ملموس، وأن تكون الرقابة والمحاسبة البرلمانية بشكلها الصحيح لا عن طريق التصريحات الاعلامية والصحافية، وأن تكون الحكومة في وضع تكون فيه قادرة على قيادة البلد لا أن تتهرب من مسؤولياتها، كما اعتادت على ذلك.
إن التوافق حول الأولويات العامة التي يتطلع إليها الشعب الكويتي يجب أن تتحدد أهدافها بصورة واضحة نحو إعادة الثقة بالمؤسسات الدستورية، انطلاقا من الالتزام بدستور ١٩٦٢ بما يساهم في الحفاظ على النظام الديمقراطي والعمل على تطوير الشكل البرلماني للدولة.
ويؤكد المنبر الديمقراطي الكويتي على مجموعة من الأولويات التي -برأيه- من الممكن أن تشكل مدخلا للإصلاح العام في البلاد، وتتمثل في:
أولاً- الإصلاح السياسي
١- إصلاح النظام الانتخابي بما يسمح للانتقال من العمل الفردي إلى العمل الجماعي نحو تعزيز التفاعل الشعبي العام وتطوير العملية الديمقراطية، مدعوماً بإنشاء هيئة مستقلة لإدارة الانتخابات.
٢- الغاء وتعديل كافة القوانين التي تستهدف الحريات العامة وتقليصها، والتي صدرت في ظل اجواء سياسية متوترة
٣- تحصين المواطنة الدستورية من أي تعسف تجاهها من قبل السلطة التنفيذية، ومنع اسقاط او سحب الجنسية الكويتية إلا من خلال أحكام قضائية تتعلق بقضايا التزوير.
٤- إصدار قانون عفو عام يشمل كل من صدرت بحقهم أحكام نتيجة ابداء رأي أو موقف او تجمع سياسي، وإسقاط كافة التهم المتعلقة بهذا الشأن.
٥- فتح المجال للاعلان الرسمي لعمل الاحزاب والتنظيمات السياسية في الكويت وفق قانون ينظم عملها وشؤونها، وإعادة الاعتبار لمؤسسات المجتمع المدني الكويتية، والغاء القيود المفروضة عليها.

ثانيا- الإصلاح الإقتصادي
١- خلق موارد دخل متنوعة وبديلة عن النفط بما يخفف العبء على الموازنة العامة ويساهم بنمو النهج الانتاجي للمجتمع.
٢- تقديم مشاريع فعالة بمشاركة القطاع الخاص، بدلا رهن قطاعات الدولة وبيعها له.
٣-الابتعاد عن الاعتماد على التقارير والتوصيات الدولية التي لا تخدم استقرار ونمو اقتصاد الوطن وشعبه.
ثالثا- الجانب الاجتماعي والثقافي
١- محاربة التطرف القبلي والطائفي والعنصري، وإعادة روح التجانس والتعايش الإنساني المستحق وتفعيل المواطنة الدستورية
٢- توفير بيئة حاضنة للابداعات الشبابية الثقافية والعلمية، وتفعيل قرارت وتوصيات المؤتمرات الشبابية السابقة.
٣- فتح المجال لتنوع أكبر في المشاركات الثقافية وحرية التعبير بعيدة عن “مقص” الرقابة والابتعاد عن فرض الوصاية على الناس.
كما أننا في المنبر الديمقراطي الكويتي نرى ضرورة عقد مؤتمر وطني عام، على أن يسبقه عقد ورش عمل مختلفة الاختصاصات، ويشارك بها المختصين من المهنيين والأكاديميين لتقديم رؤاهم ومقترحاتهم لحلول وإصلاح الوضع العام في كافة المجالات والقطاعات، وأن تتبناها السلطتين وتعملان على إنجازها وتنفيذها.