كتاب سبر

علكة على جدار الماء

منذ بدء الأزمة الخليجية (لم أقل الأزمة القطرية)، ثمة “علكة” يتناوب على مضغها بعض الزملاء السعوديين، ما إن يتعب أحدهم حتى يقذفها في حلق زميل آخر ليمضغها بدوره، ثم يقذفها إلى الذي يليه، فيمضغها ويناولها الذي يليه، وهكذا دواليك وعواليك…

وهي على أية حال علكة غبية، إضافة إلى أنها بلا طعم بعد مضغ طويل، ولا أدري لمَ يُصر بعض الزملاء السعوديين على الاستمرار في مضغها. آخر الماضغين لها هو جميل الذيابي رئيس تحرير جريدة عكاظ السعودية، في زاويته “جدار الماء”، الذي كرر السؤال المكرور، ومضغ العلكة الممضوغة، عندما انتقد حياد الكويت في الأزمة الخليجية بعقلانية مصطنعة، وتساءل: “ماذا لو مارست تلك الدول (يقصد السعودية والإمارات والبحرين ومصر) الحياد عندما غزا صدام حسين الكويت، وانتظرت عن إبداء موقفها بحجة الحياد في قضية عادلة؟”، هكذا طرح سؤاله، أو هكذا مضغ علكته الممضوغة قبله عشرات المرات.

وبغض النظر عن التركيبة اللغوية الغريبة في قوله “وانتظرت عن”، التي يقصد فيها، كما فهمت، “تلكأت في” أو “تباطأت في إبداء موقفها”… أقول بغض النظر عن هذه التركيبة المكركبة لغوياً، ليت الزميل وقف أمام المرآة وسأل نفسه سؤالاً صغيراً جداً: “هل تم احتلال السعودية، لا قدر الله، وتلكأت الكويت في إبداء موقفها، أو انتظرت عن إبداء موقفها، كما يقول؟”.

ما هذا السؤال الأعوج يا جميل بيه؟ أمرك غريب، خصوصاً وأنت ترى الجنود الكويتيين يشاركون في عاصفة الحزم تلبية لنداء المنادي السعودي. ثم إن من يطلب “الفزعة” هو من يشعر بالضعف، وأنت وأنا وقراء عكاظ وقراء المعلقات السبع والعرب العاربة والمستعربة كلنا يعلم أن السعودية لا تشعر بضعف مطلقاً في هذه الأزمة، وأرى أن علكتك، أو تساؤلك، يسيء إلى السعودية، لا الكويت، إذ يُظهر السعودية بصورة لا تليق بها، وهي في عيوننا أكبر من ذلك وأسمى.

ولن أمضغ علكة هنا، وأكرر ما هو معروف لكل طفل: “احتلال الكويت بحد ذاته يمثل تهديداً للسعودية وبقية دول الخليج”، أو غير ذاك من الكلام الذي “بلا طعمة”، بل أقول: “الحمد لله أن مثلك لا يملك القرار”.