آراؤهم

الاستجواب وسيلة ابتزاز في غير محلها

التهديد بالاستجواب صار ضمن الأعراف السياسية الراسخة في العمل البرلماني الكويتي .. إذ ما إن يطرأ لأحد النواب قضية ما لا يتفق مع تفاصيلها يسارع إلى التلويح بهذه الأداة دون مراعاة أنها وسيلة محاسبة ملخصها أن النائب اكتشف خللا ما في أداء وزير في الحكومة أو رئيسها ولم يصل إلى معالجة له ضمن سياق الأدوات المتاحة له بدءا بالسؤال وانتهاء بلجان التحقيق .

قبل ما يقارب من شهر تقريبا طرح النائب الأول لرئيس الوزراء ووزير الدفاع الشيخ ناصر صباح الأحمد فكرة انخراط المرأة في العمل العسكري تطوعا أو إلزاما ضمن قانون الخدمة الوطنية .. فانبرى له النائب الفاضل محمد هايف ليعلن أنه سيستجوب النائب الأول إن مضى في تبني هذا التوجه ، وليس من مبرر لإعلان هذه النية إلا ضمن إطار هذا العرف الذي أصبح قاعدة سياسية كويتية مفادها : (هدِّد بالاستجواب فيرضخ الوزير أو تذعن الحكومة ) ، واليوم لوح أيضا ضمن هذه القاعدة النائب الفاضل رياض العدساني الذي هدد باستجواب رئيس الوزراء إن مست الحكومة جيب المواطنين على ما قال ، وكان يرد على نوايا حكومية لإشراك المواطنين في تحمل مسؤولياتهم المفترضة بدفع قيمة الخدمات التي توفرها لهم الدولة وهو توجه محمود في الدول الديمقراطية حيث يكون المواطن شريكا كامل الدسم في مساءلة الجهات التنفيذية على سوء أو رداءة الخدمات التي تقدم إليها على اعتبار أنه يدفع ثمنها نقدا من عرق جبينه.

في الحالتين .. اختار النائبان التصدي للأفكار الحكومية بالترهيب وليس المناقشة والإثنان خرجا بأداة المساءلة السياسية من كونها وسيلة محاسبة نيابية إلى أن تكون وسيلة لوأد الرأي الذي لا يقابل إلا برأي مثله.

التلويح بالاستجواب أضعف كثيرا الأثر السياسي لهذه الأداة من جهة .. ومن جهة أفرز تيارا عريضا منتفعا من استخدامها ومن جهة ثالثة عطل أو ضيع وقتا كبيرا كان يمكن استثماره في معالجة ملفات مزمنة لا تجد من يتصدى لها.

بطبيعة الحال سوف لن يجد ما سبق آذانا صاغية .. إذ بات الاستجواب كهنوتا له مريدوه والمستفيدون منه وعليه فمن غير المأمول أن يتخلى هؤلاء عن هذه المكاسب المشروعة وغير المشروعة ليطرحوا أطارا وطنيا يرٍّشد استخدامها وعليه فإن الأمل معقود في التعامل الحكومي مع هؤلاء الملوٍّحين .. ويبدو أن هذا التعامل آتى ثماره أو بدأ يؤتيها في بعض الحالات حينما تختار الحكومة مواجهة المستجوبين وبقوة أيضا إن لم يكن في منخلها ما يراد له أن يسقط .