آراؤهم

“العملية هِبرون”

الرواية تعيش في عصرها الذهبي،فهي من الكتب الأكثر رواجاً في العالم.فالأدب يستند على أساس وهو الخيال وإستعادة الصورة الذهنية في عقل القارئ.فما أحوج الناس للهروب من واقع الحياة الروتينية الممله إلى شواطئ الأدب الخلابه.

وما أحوجهم للهروب من أخبار السياسة الكئيبة للغوص في بحار الرواية.إلا أني آتيكم اليوم برواية ليست كباقي الروايات مع الأعتذار لأي تجاوز عن الأختصاص فللأدب قواعد وأحكام لها أهلها. قد يشفع لي هذا التجاوز عن التخصص هو أن لهذه رواية بعد سياسي دسم، فهي الرواية التي وصفها الكاتب محمد حسنين هيكل بأنها رواية “أغرب من الخيال وأقرب ماتكون إلى الحقيقة” رواية إريك جورادن “العملية هبرون” التي صدرت مطلع عام ٢٠٠٠ للكاتب الذي كان عميلا في وكالة الأستخبارات الأمريكية CIA ،عمل بغطاء دبلوماسي في الكثير من السفارات الأمريكية في الشرق الأوسط إلى أن أصبح مستشاراً لرئيس الأمريكي “رونالد ريجان” وأخيراً أصبح مسؤولاً عن عمليات الأستخبارات الأمريكية في الشرق الأوسط حتى تقاعده فتفرغ للكتابه فطّل بالعملية هِبرون.

وهذا ما أبعدها عن الخيال وقربها من الحقيقة، قرأتها قبل أربع سنوات ولم يطرأ في ذهني أن أكتب عنها مقالاً،إلا أن وقائع مانشهده اليوم على الساحة الأمريكية وإنعكساته على المنطقة خصوصاً دفعني للكتابه عنها متجاوزاً لأختصاص ومختصراً بإيجاز أهم الأفكار التي أستوقفتني.

تدور أحداث الرواية حول عميل سري لاسرائيل في الولايات المتحدة الأمريكية يُدعى هِبرون.تبدأ الوقائع عن تنامي قلق المسؤولين في إسرائيل من فتور الحماسة الإمريكية بالدفاع عن قضايا إسرائيل في المنطقه،خصوصاً أن الشرق الأوسط مُقبل على مرحلة حاسمة ومفصلية تتم فيها صفقة التسوية الدائمة النهائية لأزمة الشرق الأوسط وهذا مايتطلب دعم أمريكي أكبر من أي مرحلة أخرى،وهذا مالا تقدر عليه جماعة الضغط التابعه لأسرائيل في أمريكا بمفرها.
ففي الدائرة الضيقة للإتخاذ القرار الإسرائيلي حيث كان رئيس الوزراء ووزير الدفاع ورئيس “الموساد” بدأ النقاش يحتدم وبدأت الخيارات تلّح ثم تتهاوى، حتى جاء الأخير بفكرة مجنونة وأغرب من حكايات القصص وهي أن تضع إسرائيل عميلاً لها في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض رئيساً لأمريكا،بعد سجال طويل بين القيادات الإسرائيلية جاءت الفكرة ووضعت الخطه التي تضمن وصول العميل هِبرون إلى البيت الأبيض دون أي أضرار أو شروخ للعلاقة الأسرائيلة الأمريكية فيما لو كُشف أمر العميل.
وضعت الخطة بإحكام أستخباراتي،يضمن وصول العميل “هِبرون” إلى البيت الأبيض عبر إنتخابات الرئاسة دون ضلوع مباشر لأسرائيل بأي خيط من هذه العملية الحساسة،أولها هو التصفية الجسدية لرجل يدعى “سيرسون” وهو السفير الأمريكي في السويد وهو أحد معاديي إسرائيل ومستشار المرشح المنافس لهِبرون في الإنتخابات وتم إستخدام حسناء صربية تعمل ضمن شبكة دولية من “القتلة المأجورين” أوقعت السفير في شباكها،وتم إقناعها أنها تتعامل مع المخابرات الإيرانية،إلى أن تمت عملية الاغتيال بالنجاح، وتبقى دعم حملة هذا العميل الإنتخابية التي سيقوم بعض رجال الأعمال العرب دعم حملته فهم بحسب رأي أحد المستشارين يملكون الكثير من المال والقليل من العقل، وهكذا لايكون للعميل أي صلة مباشرة بإسرائيل ،شق هِبرون الطريق وأنجز المهمة المستحيلة وأصبح رئيس لأعظم إمبروطورية عرفها التاريخ عميلاً لإسرائيل.
تدور الأحداث وتتزاحم الوقائع في طيات (ال٣٧٠ صفحة) لهذه الرواية المستوحاة من خيال “إريك جورادان” الذي عاش وقائع الحياة الجاسوسية فصنع منها خيالاً أقرب مايكون لواقع اليوم.