عربي وعالمي

لماذا أعلنت كوريا الشمالية الآن وقف تجاربها النووية؟

أعلن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون اليوم (السبت)، عن وقف التجارب النووية واختبارات الصواريخ الباليستية وإغلاق موقع للتجارب النووية، فلماذا فعل ذلك الآن؟
رجحت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) عدة أسباب لهذا القرار، والذي يأتي في وقت يستعد فيه الزعيم الكوري الشمالي لحدثين دبلوماسيين كبيرين، وهما القمة المرتقبة بين الكوريتين ثم قمة تاريخية متوقعة في غضون أسابيع مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

أولا: التجارب السابقة كافية
جاء إعلان الزعيم الكوري طواعية عن وقف التجارب النووية، في الوقت الذي يشعر أن بلاده «أتقنت» بالفعل تصميم الأسلحة النووية، رغم صعوبة التأكد من ذلك. ورجح التقرير أن التجارب النووية التي أجرتها كوريا الشمالية في الآونة الأخيرة أظهرت لديها «القدرة» على توليد قوة نووية بشكل جدي.
وبشكل أكثر تفصيلا، فإن التجربتين النوويتين الخامسة والسادسة اللتين تم تنفيذهما في سبتمبر (أيلول) 2016 و2017 كانتا بمثابة علامة مهمة في الاختبارات النووية، أنتجتا رأسا نوويا متماسكا ومطابقا للمعايير، والذي يمكن تحميله على أي من الصواريخ الباليستية القصيرة والمتوسطة وطويلة المدى.
وتوضح «بي بي سي» أن القوة التدميرية لهذه الأسلحة ربما تفوق بمرتين أو ثلاث القنبلة التي استخدمتها واشنطن ضد ناغازاكي في الحرب العالمية الثانية، وهو أمر قوي بالقدر الكافي بالنسبة لأهداف كوريا الشمالية.
ويشير التقرير إلى أن إغلاق موقع التجارب النووية والذي شهد ست تجارب نووية منذ العام 2006، يأتي بعد شعور بيونغ يانغ بالارتياح لقدرتها على تصميم أسلحة نووية، وكما حدث مع الهند وباكستان فإنها تكتفي بهذه التجارب الست.
ورغم ذلك، فإن خبراء مستقلين ووكالات استخبارات قومية مختلفة لم يتوصلوا إلى إجماع حتى الآن حول قدرة الكوري الشمالي على تصميم قنبلة هيدروجينية، رغم أن بيانات سيزمية سُجلت في 3 سبتمبر 2017 أعطت العالم معلومات كافية لاستنتاج أن كوريا الشمالية لديها القدرة على تصنيع سلاح نووي قادر على تدمير مدن بأكملها.

ثانيا: قوة كافية لتهديد واشنطن
أعلن الزعيم الكوري وقف التجارب المتعلقة بالصواريخ العابرة للقارات، واعتبر التقرير أن هذا مثير للدهشة، لأن كوريا الشمالية قد أجرت ثلاث تجارب صاروخية فقط من إجمالي التجارب يمكنها حمل الرؤوس النووية إلى الولايات المتحدة، ورغم ذلك، لم تتضمن تلك الاختبارات مسارا لما قد يكون ضروريا لشن ضربة نووية، ما يشير إلى وجود حاجة لمزيد من اختبارات الطيران حتى تثق بالقدر الكافي في قدراتها على ضرب الأراضي الأميركية. واعتبرت (بي بي سي) أن وقف التجارب النووية يجدد الثقة لدى كيم جونغ أون في الوقت الحالي، فيما يشبه الخطوة التي اتخذها الزعيم الكوري في زيارته إلى بكين مؤخرا وكانت بمثابة «استعراض قوة» لأنه شعر بالراحة الكافية في تعزيز قوته داخليا حتى يغادر كوريا الشمالية إلى الصين.
وأشار التقرير إلى أن كوريا الشمالية لديها خطط أخرى، فباتت تجيد معظم ما هو «ضروري» على المستوى الفني لتهديد الولايات المتحدة، ورغم ذلك فإن قدراتها الصاروخية لا تزال محدودة بعدد قليل من منصات الإطلاق. ويرجح أن بيونغ يانغ تمتلك في الوقت الحالي ست مركبات إطلاق للصواريخ الباليستية فقط.

ثالثا: حظر بلا شروط
رجح التقرير أن حظر التجارب النووية كان يجب أن يحظى بمصداقية أعلى وذلك بإعلان «هدم» مواقع التجارب النووية في بونغاي – ري، وليس فقط كما ذكر البيان اليوم (السبت) بـ«تفكيك» موقع واحد.
وقد أعلنت كوريا الشمالية من قبل تعليق التجارب الصاروخية في 1999. لكنها عادت في 2006، عقب سنوات من اتفاق إطاري تم توقيعه في 1994. وبهذا من الممكن أن تعود كوريا إلى التجارب النووية والباليستية.
ومع إعلان الزعيم الكوري عن وقف التجارب النووية، لصالح التركيز على الجهود لبناء الاقتصاد وتحسين مستوى المعيشة بشكل ملحوظ، فإن كوريا الشمالية سوف تسعى للحصول على إعفاءات من العقوبات الدولية في القمم القادمة من أجل تحقيق هذا الهدف.

رابعا: القمة مع ترمب
قد يتساءل البعض لماذا قرر الزعيم الكوري الشمالي التخلي عن التجارب النووية بدلا من التمسك بها قبل القمة المرتقبة مع ترمب، والإجابة بسيطة بحسب «بي بي سي»، فإن القمة مع الرئيس الأميركي كافية في حد ذاتها بمثابة جائزة، فهو أمر لم يقم به والد أو جد كيم جونغ – أون.
واعتبر التقرير الوقف الاختياري عن التجارب النووية هو أمر محتمل من أجل الجلوس مع ترمب.
ورغم هذا القرار، فإنه لا نية حاليا لنزع السلاح النووي في كوريا الشمالية، كما كان يروج مسؤولون كوريون جنوبيون، بل على العكس، يعتبر إعلان كوريا الشمالية وكأنه إعلان دولة نووية لا تنوي التخلي عن تلك التجارب التي تمنح البلاد ضمانا نهائيا للبقاء.