كانت رحلة جميلة ، تلك التي رحلت فيها الى تلك القارة البعيدة التي كانت تسمى قديماً بـ هولندا الجديدة نسبة للقوى الاستعمارية الهولندية في القرن السابع عشر ميلادي ، وكانت الرحلة استجابة لدعوة اتحاد الطلبة الكويتيين في استراليا للمشاركة في مؤتمر طلابي للحديث عن فلسفة الربط التاريخي بين احداث الماضي والحاضر ، وكلي امتنان على حسن الاستقبال و جمال التنظيم من جميع الاخوة في الاتحاد .
بنو امية تجلت فتوحاتهم أمام ناظري وانا أسير بين طرقات مدينة قولد كوست الجميلة وشواطئها الساحرة ، التي تمثل بأمواجها تمايل فاتنة طروب تطيب بقربها القلوب ، واستذكرت بداية العهد السفياني و نهاية العهد المرواني وما صاحب العهدين من فتوحات في مشرق الأرض ، والذي كانت من ثمراته دخول الكثير من الافغانيين الى الاسلام ، كـدخول مدينة هُراة و غزنة وكابل وشعوبها في الاسلام فتحولوا بذلك الفتح المجيد الى طاقة اسلامية متجددة ذات امداد لوجستي معنوي عسكري ، فأثمروا العلم والبأس والقوة والديانة والزهد والعسكرة ، أولئك الافغان الاوائل الذين جاء من صلبهم فوجٌ كبير في القرن 18 ميلادي الى القارة الاسترالية بأمر وتدبير من القوات الانجليزية ومعهم الجمال العربية ، حاملين تلك البهائم الى صحراء استراليا لنقل البضائع من شرق القارة لغربها مروراً بالصحراء التي تتمركز في وسط القارة وكانت أفضل وسيلة للنقل هي تلك الجمال العربية ، الا أن الأفغان قد امتعضوا من سياسة الانجليز الغاشمة لهم ولسكان استراليا الأصليين وهم الشعوب الابروجونية ( بروجوانز) فكانت المظالم تترى على الشعبين الافغاني والاسترالي من طغيان الانجليز السياسي والاقتصادي و ما ذلك الا لأنهم أهل جشع وطمع لا يرقبون في شعب من الشعوب إلاً ولا ذمة ، فسبحان من فرّق بين فتوحات الامويين التي كانت مُنبتة للقلوب و دافعةٌ للابداع و داعمة للاستقرار والولاء و بين استعمار الانجليز للاستراليين و ظلمهم للعمالة الافغان الذين دخلوا الاسلام بفضل الامويين في القرون الاولى .
فالجهاد منظومة ادارية شرعية توسعية ترنو للحصول على السيادة على الدول التي يعاني شعبها من ظلم حكامها و غطرسة قساوستها و هيمنة كُهّانها لتخليص الشعوب من الانظمة التي تدعم اللامساواة و تحث على الطبقية ، وهي تختلف جذرياً عن نتائج ومنطلقات القوى الاستعمارية كالبريطانية والايطالية والبرتغالية وغيرها التي تعزز اللامساواة و تنمي ظاهرة الطبقية في المجتمع وتستولي على الخيرات والمنافع .
تلك خاطرة جالت في خاطري وأنا أودع تلك المدينة الجميلة و القارة البعيدة ، فقد قضى الدهر بيننا … بالفراق .. فعسى باجتماعنا سوف يقضي .
ودمتم
@jassimaljezza
أضف تعليق