آراؤهم

“الطلبة المبتعثين ضحايا تقشّف الحكومة”

في الصيف الماضي قابلت أحد المسؤولين الكبار في وزارة التربية والتعليم العالي للمطالبة بأبسط حقوقي كطالب دراسات عليا – وهي مساواتي بالمخصصات والبدلات مع طلبة البكلريوس علماً بأننا مبتعثين عن طريق نفس الجهة (التعليم العالي) فردت علي مبتسمةً “صح كلامك.. بس ماكو فلوس”

رغم أن الدولة لم تخفض الميزانية المخصصة للتعليم، ألا وانه منذ عام ٢٠١٤-٢٠١٥، لم يصدر قراراً واحداً من وزارة التربية والتعليم العالي إلا وفيه تضييق على آمال الطلبة وتقييد لصلاحياتهم وتقليص لأعداد المبتعثين سنوياً بحجج واهية غير مدروسة مدّعين بأنها لضمان جودة التعليم ولكن الغرض منها “التوفير” على الدولة على حساب “مستقبل أبنائها” وأول هذه القرارات التعسفية سحب الإعتراف من ٨٧ جامعة أمريكية لعدم استيفائها شروط “هيئة الاعتماد الأكاديمي” التي تنص على أن الجامعة يجب أن تكون مميزة ومصنّفة علما بأن التصنيف أحيانا لايكون مقياسا لنجاح هذه الجامعات ( فعلى سبيل المثال: الجامعات الجديدة والجامعات الخاصة عادة ما يصعب تصنيفها حتى وان كانت مميزة) مع أهمية التوضيح بأن سحب الاعتراف ارتكز على الجامعات التي لايجد الطلبة بها صعوبة في اجتياز درجة اللغة (من ٥ الى ٥.٥) لمحاولة تقييد الطالب بخياراته وأخيراً تقليص أعداد المبتعثين والتوفير على الدولة

فجشعت الحكومة أكثر فأصدرت قراراً بحظر الجامعات المرموقة المتبقية وهي جامعة “ولاية ساندييغو” و “فولرتن” و “تمبل” و “كليفلاند” بحجة تكدّس الطلبة بها مع العلم بأن الجامعات تُعد من الجامعات الكبيرة المميزة والتي تستوعب أعدادا كبيرة من الطلبة ونسبة الكويتيين لا تتعدى ال١.٦٪؜ من مجموع الطلبة وقد توجه إليها عدد كبير من الطلبة بعد تقليص خياراتهم وسحب إعتراف ٨٧ جامعة علماً بأن رئيس أحدى الملاحق كان “ينصح” الطلبة بالتقديم على هذه الجامعات “كحل بديل” عن الجامعات التي سُحب اعترافها!

ولم تكتفِ الحكومة عن تقشفها فلاحقت المبتعثين عن طريق ديوان الخدمة والتطبيقي وجامعة الكويت والهيئات الحكومية المستقلة وأصدرت قراراً بصرف الإعانة بالدينار الكويتي والذي أسفر عن تأزّم بعض الطلبة مادياً – والأسر تحديداً – علما بأن الحكومة على علم بأن الصرف بالدينار سيقلل من رواتب الطلبة مقارنةً بالدولار الأمريكي المستقر أو الباوند البريطاني حيث تترتب الأسعار والمصروفات في هذه الدول حسب العملة المحلية ولا تحليل لهذا القرار التعسفي سوى “التوفير على الدولة”

نعم الحكومة لم تشبع فأتت الطامة بعد ما أصدرت وزارة التربية قراراً بشرط حصول الطلبة على ٥ درجات في اختبار اللغة (الايلتز) قبل التقديم على البعثة وهو من الأمور الشبه مستحيلة على طلبة الثانويات الحكومية ليتم تمييز طلبة المدارس الخاصة الأجنبية على طلبة الحكومة الأكثر عدداً مع علم الوزارة بأن الطالب لن يستطيع اجتياز اختبار اللغة في غضون عدة أشهر في الصيف قبل بدء الفصل الدراسي الأول والذي سينتج عن ابتعاث أبناء المدارس الخاصة والأجنبية والطبقة “المخملية” الذين يشكلون مالا يزيد عن ٢٥٪؜؜ من المبتعثين سنوياً حيث أن طلبة الثانويات العامة سيجبرون على دراسة اللغة في المعاهد الخاصة (ذات التكلفة الباهضة) وعلى التسجيل لإختبار اللغة عدة مرات حتى يجتازوا الدرجة المطلوبة (٦٠ دك للإختبار الواحد).

فهل يركز الطالب على الدراسة لاختبار الايلتز ليلتحق بفرصة العمر – الإبتعاث – بينما ينشغل في دراسته للاختبارات النهائية ليحقق النسبة التي يطمح اليها والتي ستمهد له طريقه الى الدراسة الجامعية؟ هل يعتقد الوزير بأن من الممكن أن يجتاز الطالب الحكومي المتوسط شرط الايلتز في الشهرين القادميْن مع النسب المطلوبة أو أن يتأخر حتى العام القادم بعد أن يجتاز الإختبار فتتراكم عليه سنين الدراسة؟ أم انها محاولة لتقليص مقاعد الابتعاث للتوفير على الدولة؟

ومن باب الإنصاف، إن خطط “التقشف” قد نجحت في بعض الدول وساهمت بتوفير المليارات على ميزانيات بعض الدول المجاورة ولكن من باب العدل يجب أن يتم ترتيب الأولويات وتطبيق التقشف على القطاعات الأخرى التي قد لا يتضرر الشعب منها بقدر ما يتضرر منها الطالب المبتعث الذي يمثل دولته عند الغرب والتي قد تؤثر على أوضاع معيشته أبسط القرارات التقشفية وتضيّق عليه آماله ومستقبله.

محمد جمال اليوسف @AlYousef94
طالب دراسات عليا – جامعة جورجتاون – واشنطن