آراؤهم

“على الطّاير”

مهلاً .. قبل أن أشرع في الموضوع أريد تنويهك بأن هناك قاعدة في وطننا العربي وهي : “ليس كل ما يعرف يقال و لا كل الحقيقة تقال” ، فإن كنت لا تريد الحقيقه و منغمس بخداع الإعلام و مأجوريهم لا تقرأ المقال فأنا لا أُطبّل ! ، و ان كنت تتقبل الحقيقة و الواقع ولو كان مُراً حسناً .. “خذها على الطّاير”

كل الصراعات الإقليمية على سبيل المثال و ليس الحصر كاليمن جنوباً و الصومال بغربها و جيبوتي جارتها إلى السودان بشمالها هي في الحقيقة أكبر من الشماعات التي تلصقها أبواق الأنظمة العربية وبعض أعلاميها المأجورين و بصحفها الصفراء فهي شمّاعات لتهييج الشارع لإضفاء الشّرعية على ما يعبثون به وفق أمزجتهم ، فهي صراعات للإنقضاض على ثروات هذه الدّول و اقتصادها بشكل عام وعلى أكبر عدد من الموانىء لهذه الدول للتحكم في المياه الاقليمية بشكل خاص، بفرض السيطرة عبر مشاريع مدروسه من عدّة سنوات من دول تحاول السيطرة عبر المال أو فرض وصايا على دول أخرى بمضايقتها في استقلاليتها في تحالفاتها الاستراتيجية، فكل هذه الأفلام السينمائية عبر الشاشات الأخبارية هي ليست للمحافظة و الحماية لشعوبهم ومصلحته العليا من “البعبع” ، بل ليبقوا في كراسيهم لأطول فتره ممكنة فيخلقوا أي عدو وهمي لتلتف شعوب السمع و الطاعة حول سلطتهم خائفين من ذلك “البعبع” الذي هوّلوه عن قصد و أخافونا منه ، هذه هي الحقيقة.

السودان اتجهت شرقاً و الصومال و جيبوتي اتخذوا موقفاً و اليمن مازالت تُصارع فهي بين نارين؛ لكل دولة لها الحق في تحالفاتها الاستراتيجية للمصالح المشتركة فيما بينها ، دولة مستقلة توقع اتفاقيات مع دولة مستقلة أخرى أين المشكله؟
هُم أحرار في مشروعهم الاستراتيجي لما يتوافق مع المتغيرات السياسية في المنطقة ونحن أحرار أيضاً وفق المصالح المشتركة فلكل دولة وسيادتها وقراراتها لما تراه مناسباً فسياسة رجل القبيلة ومعارك إن لم تكن معي فأنت ضدي عاف عليها الزمن، ها هي دول الاتحاد الاوروبي تتحالف مع من تشاء وهي مختلفه مع بعضها لبعض في رؤاها و تحالفاتها في العالم ، فها هي بريطانيا تخرج من الاتحاد الاوروبي فلَم نجد أزمة وتراشق اعلامي وسياسي بينها و بين أعضاء الإتحاد الأوروبي كأطفال في الصف الأوّل ، فالحنكة السياسية بالخلاف السياسي هي أن تدير الخلافات من وراء الستار درءاً لكراهية الشعوب لبعضها البعض ومنعاً للتصعيد الغير المبرر لا لتبث الإشاعات و صنع الفجوات و الإنشقاقات للشعوب عبر اعلام مأجور أو من شيوخ الفتن و أئمة السّلطان ، هنا الفرق بين الاحتراف و الصبيانية في التعامل السياسي ، فبعض الدول يشتطوا غضباً عندما ترى تغير لبعض الدول في توجههم الاستراتيجي، فهي لم تغير وجهتها إلا لما رأته من خذلان في استراتيجياتها وتحالفاتها السابقه.
وعلى ذكر المشاريع ، فمشروع بعض الدول القادم هو أن تريد حكومات علمانية قوية، كلام جميل ومشروع متزامن مع حداثة العالم ، لكن لنتريث قليلاً ، هل هي بالفعل تريد حكومات علمانية تنفيذاً لرغبة حقوق شعوبها السياسية و المدنية أم ارضاءً للمعزبه “بريطانيا” و العمّة “أمريكاً” لتلمّع صورتها في الخارج و تخرس شعوبها بالقمع و الاستبداد و التضييق على حقوقهم فتعتقل دون محاكمات و دون تهمة حقيقية و تشهره عبر الصحف ولا تعطي حق الدفاع للمُعتقِل و تخفي من تشاء اخفاءً قسرياً متناسيه أن أساس العدل هو “المتّهم بريء حتى تثبت ادانته” ؛ لا ندخل في نواياهم لكن هناك سؤال مطروح : هل يريدون احياء الديكتاتوريه لما قبل ٢٠١١ بلباس مدني علماني كزين العابدين و معمر القذافي لما رأته من تطورات ووعي الشعوب للمطالبات لحقوقهم الأساسية بحرية التعبير و صنع القرار، فكفى لهذه الدّول أن تصنع حذاء عسكر جديد بأموال شعبها و تنسج خيوط الإنقلابات بثروات أبناء شعبها فالشعب المنهك اقتصادياً أحق بتديد هذه الخيرات من أجل صنع دمى جدد و تدمير مقدّرات شعوب أخرى من أجل التوسع الوهمي الغير مبرر .

سؤال آخر : هل المشروع التي تتبناه بعض الدول هو التخدير عبر الترفيه لشعوبها لإسكاتهم بفيلم أو حفلة موسيقية و إلهائهم بمطالبهم الأساسية؟

المشروع الحقيقي هو وعي الشعوب لمكتسباته المدنية وهو حق أصيل وليست هبه أو منحة أو قرار بعد الإستيقاظ من النوم بإمكانه أن ينسف باليوم الذي يليه وفق مزاج من يقرر دون أخذ رأي الشعب ليكون وفق آلية قوية و متينة عبر المؤسسات التشريعية و التنفيذية، فلا تكتمل العلمانية الحقيقية إلا بدستور قائم على المدنية المتكامله و بحقوق سياسية بتمثيل الشعوب سياسياً و صنع قرارها ومستقبلها فهي الوجود الدائم و الثابت فالحقوق المدنية لا تتجزأ، و انسانية محفوظه ومصانة بحرية تعبيرها و العيش الكريم ، و دينية بالطبع لحفظ شعائر الناس مهما كانت وحفاظاً لحقوقهم التعبديه ومحاربة التطرف و الكراهية والطائفية لمزيد من السلام بين أطياف المجتمع ببنية ثقافية حضارية ، ودمتم سالمين.