أقلامهم

فاطمة.. وسرقة الهامور

كلما طَفَت على السطح قضايا تتعلق باختلاسات مليونية، واحتمالية نجاة أصحابها من العقوبة، تذكرت قصة تلك المرأة المخزومية التي سرقت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، فجاء أهلها لأسامة بن زيد – وهو حِبّ رسول الله – ليشفع لها بعدم إقامة الحدِّ عليها.
وكيف أن النبي عليه الصلاة والسلام غضب غضبا شديدا من أسامة، ثم خطب في الناس قائلا: «إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها».
من أخطر الأمور التي تهدد أمن المجتمعات، وتبث الفرقة بينها، وتدفع إلى التمادي في مخالفة القوانين، والجرأة في التعدي على الدماء والأعراض والأموال، هو التمييز في تطبيق القانون والعقوبات.
فيُسجن مخالف على 50 ديناراً، وينجو من العقوبة مَنْ سرق عشرات بل مئات الملايين… بسبب خطأ إجرائي!
يُمنع من السفر شخص في 10 دنانير، ويفر هاربا ويبقى حرا طليقا مَنْ سرق واختلس الملايين من أموال المتقاعدين!
ألا يشعر المواطن البسيط بالغبن؟ ألا يشعر الإنسان النزيه بالضيم، وهو يرى هذا التمييز؟
لماذا ينجو «الهامور» – وهو لقب في العامية يُقصد به الغني صاحب النفوذ – من العقوبة؟
هل هو فوق القانون؟ هل لديه حصانة بسبب الاسم الأخير لعائلته أو أسرته أو قبيلته؟
إن من علامات تقدم الدول قيامها بمحاسبة كل مَنْ يثبت عليه الاختلاس من أموال الدولة أو استغلال منصبه للثراء السريع، أيّا كان منصب هذا المسؤول.
ولعل أقرب مثال ما قامت به دولة ماليزيا من اعتقال رئيس وزرائها السابق نجيب عبدالرزاق وتوجيه تهم له تتعلق بالفساد وباختلاس أموال تقدر بالمليارات من صندوق التنمية الماليزي.
لقد أشار النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث السابق إلى أن التمييز في تطبيق القانون سبب في هلاك الأمم.
لذلك على أي دولة تريد الاستقرار والأمان أن تجعل الجميع تحت سقف القانون، وأن يطبق القانون على القوي قبل الضعيف.
خطب عمر بن الخطاب في الناس فقال: «أيها الناس القوي منكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه، والضعيف عندي قوي حتى آخذ الحق له».

Twitter:@abdulaziz2002