عربي وعالمي

قلق كبير في الاتحاد الأوروبي بعد إعلان المستشارة الألمانية اعتزالها السياسة في عام 2021

أدى إعلان المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الأسبوع الماضي أنها ستعتزل السياسة في عام 2021 إلى قلق كبير داخل الاتحاد الأوروبي نظرا للدور البارز الذي تقوم به وكذلك لشخصيتها القوية.

ويرى المحللون أن إعلان أقوى زعيمة أوروبية حالية والتي هيمنت على السياسة الأوروبية منذ أكثر من عقد لم يكن ليأتي في وقت أسوأ للاتحاد الأوروبي الذي هو على وشك فقدان عضو مؤثر بخروج بريطانيا منه في مارس المقبل.
وعلاوة على ذلك يواجه الاتحاد الأوروبي انتخابات برلمانية في مايو المقبل عندما سيتم اختيار مفوضية أوروبية جديدة والتي تعتبر الهيئة التنفيذية للاتحاد الأوروبي.
ولا شك أن قرار ميركل بالتخلي عن زعامة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي في ديسمبر المقبل وعدم ترشحها لمنصب المستشار في عام 2021 سيزيد من مناخ عدم اليقين الحالي وسيكون له تداعيات خطيرة على أوروبا والعالم بأسره.
فمنذ إنشائه تم إدارة الاتحاد الأوروبي من قبل ثلاث قوى كبرى أساسية هي فرنسا وألمانيا وبريطانيا وبالتالي فإنه مع خروج الأخيرة منه كان التطلع لأن يكون الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة ميركل الحاميين الرئيسيين لمشروع الاتحاد الأوروبي.
لكن استطلاعات الرأي الأخيرة أظهرت أن ماكرون يفقد شعبيته بسرعة في الداخل وهو ما يلحق الضرر بتطلعاته بأن يبرز كزعيم أوروبي قوي.
إلى جانب ذلك ستكون النظرة المستقبلية إلى ميركل على أنها زعيمة عرجاء من دون شريكيها حيث يشك البعض في أنها ستبقى مستشارة حتى عام 2021 ويعتبرون انها قد تتنحى قبل ذلك.
في هذا السياق لفتت صحيفة (هلسينغن سانومات) الفنلندية الى أن “الائتلاف في ألمانيا يتعرض لاضطرابات مستمرة ومن المؤكد أن رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الجديد بغض النظر عمن سيكون لا يريد أن يقضي سنوات يعمل في ظل ميركل”.
من جهتها حذرت صحيفة (ديلي تلغراف) البريطانية من أن محاولات ميركل للتشبث بمنصب المستشارية بعد ديسمبر المقبل وما سينتج عنها من التأني بالخروج من الساحة السياسية لن تكون قادرة على عكس الاستقطاب السياسي المتنامي في كافة أنحاء الاتحاد الأوروبي والذي كانت ميركل إحدى أبرز شخصياته لمدة 13 عاما”.
وبفضل صفاتها القيادية القوية نجحت ميركل في توجيه مسيرة الاتحاد الأوروبي خلال الفترات الصعبة بما في ذلك الانهيار المالي عام 2008 وأزمة منطقة اليورو والأزمة المالية اليونانية وأزمة اللاجئين.
ورغم شعبيتها الكبيرة وتسميتها “موتي” (أو الأم) في ألمانيا نتيجة التزامها القوي تجاه الإنسانية والديمقراطية والتعددية إلا أن ميركل تعرضت لانتقادات شديدة في الداخل لأنها سمحت بدخول آلاف اللاجئين السوريين إلى البلاد في عام 2015.
ولاحظت صحيفة (دي فولكسكرانت) الهولندية أن “ما ستفتقده أوروبا قبل كل شيء عندما تغادر ميركل المسرح السياسي هو دورها كقوة موازية للقوى غير الديمقراطية التي تتزايد حاليا في جميع أنحاء العالم”.
ورأت الصحيفة أن ألمانيا ستكون كذلك مشغولة في الفترة المقبلة بالسياسات الداخلية التي تضعف دورها في الاتحاد الأوروبي الذي يواجه بالفعل تحديات من الأنظمة الشعبية اليمينية في العديد من الدول الأوروبية.
وأضافت “يبدو أن استقالة ميركل ستغير حتما الدور الذي لعبته ألمانيا في أوروبا خلال عهدها حيث أنه الآن بشكل خاص ومع اقتراب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لن يكون الاتحاد قادرا على النجاة من دون خبرة ميركل”.
من جانبها كتبت صحيفة (نوفي ليست) الهنغارية أن “رحيل ميركل يشكل أخبارا سيئة لأوروبا التي تحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى قائد قوي وفي نفس الوقت معتدل”.
وأشارت الصحيفة الهنغارية إلى أنه “بدون زعيمين قويين في برلين وباريس يكونان مؤيدين لأوروبا واحدة فإن الأمور لا تبدو جيدة لأوروبا خاصة في الوقت الذي تقع المزيد من الدول الأوروبية في أيدي المتطرفين اليمينيين والشعبويين”.